فالمعنى أنه كان يخرج منها دم كثير، وهذا اللفظ ورد بصيغة البناء للمجهول، ونصب الدم، وذكر السيوطي -رحمه الله- أن ابن مالك -رحمه الله- جعله من زيادة أل في التمييز أي أن أل في الدم هنا زائدة، والدم منصوب على التمييز. قال: (وقال ابن الحاجب في أماليه: يجوز فيه الرفع على البدل من الضمير في تهراق، والنصب على التمييز أو توهم التعدي أو بفعل مقدر، وهو الأوجه كأنه قيل ما تهراق قيل تهريق الدم مثل:"لبيك يزيد ضارع لخصومته" وإن اختلفا في الإعراب. قال: ومثله كثير في كلامهم) اهـ.
قلت: يعني أن نصب الإسم الظاهر بعد الفعل المبني للمجهول كثير، ومنه البيت الذي ذكره وهو على تقدير فعل محذوف أي: يبكيه ضارع لخصومة.
وأصل الكلمة: من هراق الماء بمعنى أراقه يهريق بفتح الياء, لأن الهاء بدل من الهمزة ولو ثبت الهمزة لكانت الياء مفتوحة ويقال فيه: إهراق يهريق جمعًا بين البدل والمبدل منه والأصل: يهراق دمها فأسند الفعل إلى ضمير المرأة مبالغة، وجعل الدم تمييزًا لكنه لا يعرب تمييزًا مراعاة لقواعد العربية، إلَّا على القول المتقدم من زيادة الألف واللام، وقيل: أصله بالدم فحذف حرف الجر وانتصب الدم. وقوله:(إذا خلفت ذلك)، أي مضت تلك الأيام التي كانت تحيضها. وتقدم معنى قوله:(لِتَسْتَثْفِرْ).