المراد بالطواف على النساء كناية عن الجماع أي كان يجامع نساءه، وفيه دليل على ما اختصه الله به من القوة في ذلك والقوة في النكاح من كمال الرجولة، وفيه: جواز طواف الرجل على نسائه في ليلة واحدة، لكن ينبغي أن يكون بإذن صاحبة النوبة أو يعيد لها نوبتها بعد طوافه عليهن. أما في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن الصحيح أن القسم بين الزوجات ليس واجبًا عليه، لقول الله تعالى له:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ}، وإنما كان يقسم بينهن أخذًا بالأفضل، وعلى القول بوجوب القسم عليه فهذا الفعل محمول على أنه كان يستأذن صاحبة النوبة، أو يقسم لها ليلة بعد الطواف عليهن بدل ليلتها. وفيه كما قدمنا: دليل على عدم الوضوء لأنه لم يذكر أنه كان يتوضأ، وقد تقدم ذلك وأنه قد يقال: إنه لم ينف الوضوء وإنما نفى الغسل. وعلى كل حال على فرض أنه لم يتوضأ فيكون محمولًا على بيان الجواز، ولا ينافي أن الوضوء أفضل وكذا الغسل بينهن أفضل كما تقدم، ولو اغتسل بعد كل واحدة لكان أفضل كما ثبت في حديث أبي رافع أنه اغتسل بعد كل واحدة وقال: هذا أزكى وأطيب، والمراد الغسل بعد كل واحدة. واستدل به وبالأحاديث المتقدمة في النوم قبل الغسل للجنب؛ على أن غسل الجنابة لا يجب على الفور بل يجب وجوبًا موسعًا، وإنما يضيق على الإنسان عند حضور الصلاة كالحال في الوضوء، وهو محل إجماع كما ذكره النووي وغيره.
١٧١ - باب حَجْبِ الْجُنُبِ عنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ