قوله:(التمست) أي طلبت وقوله: (ركس) فسّره بأنه طعام الجن كذا فسّره النسائي، فإن صح في اللغة فهو بيّن، والحديث الوارد في تزويد النبي - صلى الله عليه وسلم - الجن يشهد له، وإلا فهذه اللفظة حاصل ما قالوه فيها تحتمل أن تكون من ركس وأركس: إذا ردّ، قال تعالى:{وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا}. والروث رجع من حال كونه طعامًا إلى كونه روثًا مستقذرًا، فهو شبيه بتسمية ما يخرج من البطن رجيعًا لأنه بتلك المثابة، لكن يشكل عليه أن المصدر من هذا قياس الفتح وهو هنا اسم فلا إشكال، و {أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} -أي: ردّهم. وقيل: هو بمعنى الرجس بالجيم الذي هو النجس المستقذر، وعليه فالكسر بيّن وهو الرواية المعروفة، والركس: بكسر الراء وسكون الكاف.
• الأحكام والفوائد
تقدّم أكثر ما يتعلّق به، وفيه دليل كما تقدّم على وجوب الاستنجاء وعلى استحباب إعداد الإنسان عند قضاء الحاجة ما يستنجي به، وجواز الاستعانة في ذلك بمن هو يصلح لأن يستعان به كالخادم والزوج ونحوهما، وفيه كما سيأتي الاقتصار على المسح بدون الماء وقد تقدّم مثله، واستدل بهذه الرواية من يقول بعدم وجوب الثلاث، لكن في الزيادة التي ذكرناها طلب ثالث، وليس في الحديث ما يدل على أنه حصّله وقد أخبر أنه عجز عنه أولًا، وهو أيضًا دليل على عدم جواز الاستنجاء بالروثة، وقد تقدّم الخلاف في التعليل على أنها نجس يلحق بها كل نجس، وعلى التعليل بأنها طعام الجن لا يلحق بها إلا ما يجامعها في العلة المذكورة، كالعظم ونحوه مما ذكر معها.