الحديث: يستدل به من لا يوجب الوضوء من اللمس وقد تقدم أنه مذهب أبي حنيفة -رحمه اللهُ- ومن وافقه، وأما من يقول إن اللمس لا ينقض إلَّا بشهوة فيجيبون عنه أولًا: بأن الحديث معلول لا يثبت ولو فرض ثبوته فهو محتمل للخصوصية لأن فعله - صلى الله عليه وسلم - إذا عارضه دليل اللفظ الموجّه للأُمّة احتمل الخصوصية قال ابن حجر في هذا الحديث: إنه معلول ذكر علته أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي وابن حزم وقال: لا يصح في هذا الباب شيء وإن صح فهو محمول على ما كان عليه الأمر قبل نزول الوضوء من اللمس قال ابن عبد البر: هذا الحديث عندهم معلول فمنهم من قال لم يسمع حبيب من عروة ومنهم من قال: ليس هو عروة بن الزبير وضعفوا هذا الحديث ودفعوه وصححه الكوفيون وثبتوه لرواية الثقات أئمة الحديث له وحبيب بن أبي ثابت لا ينكر لقاؤه لعروة لروايته عمن هو أكبر من عروة وأقدم موتًا وهو إمام جليل من أئمة الحديث الجلة، وروى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قبَّل وهو صائم وقال: إن القبلة لا تنقض الوضوء" وهذا عند الحجازيين خطأ وإنما هو لا تنقض الصوم وقال ابن عبد البر -رحمه اللهُ- في رواية الحديث عند عبد الرزاق وابن أبي شيبة وهي كرواية المصنف قال: هو مرسل لا خلاف في ذلك, لأن إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة ولم يروه أيضًا غير أبي روق وليس فيما انفرد به حجة، والحاصل: أن الصحيح في القبلة أنها من اللمس يجري فيها من الخلاف ما يجري في اللمس عند الجمهور إلَّا أن مالكًا عنده قول وهو المشهور في مذهبه أنها تنقض مطلقًا بناء على أن الغالب أنها لا يفعلها أحد لمن يشتهى إلا للشهوة فأعطيت حكم الغالب إلا أن تكون لرحمة أو وداع.