أجنب ولم يغتسل، والثالث: عدم الوجوب إلا لمن أجنب سواء اغتسل في الكفر أو لم يغتسل، ومن قال بعدم الوجوب منهم من قال بأنه مستحب وهو الشافعي وقول عند مالك كما يستحب عندهم لمن لم يجنب حال الكفر، ومن قال إن الكافر يغتسل يكون غسله عند عزمه على الإِسلام عند الأكثرين، وهو مقتضى ترجمة المصنف وسياق الحديث يدل على ذلك، وإن كان بعض الروايات يفهم منه تقدم الإِسلام على الغسل كما هو ظاهر حديث قيس بن عاصم، لكن يمكن حمل قوله:(أسلم) على إرادة الإِسلام وقصده جمعًا بين الروايتين.
قلت: ولا مانع أن يكون تكلّم بالإِسلام أولًا قبل أن يعلم أنه يغسل فأمر بالاغتسال، ثم أعاد الشهادتين اللتين بهما يدخل في الإِسلام. ويؤخذ من الحديث أن من نوى قربة قبل الإِسلام ينبغي أن يفعلها بعد إسلامه إذا لم يتمكن منها حتى أسلم، ومثله حديث عمر في نذر الاعتكاف في المسجد الحرام فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يوفي بنذره عام الفتح. وفيه: دليل على فضل الحلم وحكمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في عدم العجلة على الناس والتأني في الأمور، وفيه: ربط الأسير في المسجد من المشركين وغيرهم، ومثله حبسه لأسارى طيء في المسجد وفيهم سفانة ابنة حاتم، وعند من لم ير ذلك يقول إن قصة ثمامة متقدّمة على نزول آية براءة {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}، ولكن قد أنزل - صلى الله عليه وسلم - وقد ثقيف في المسجد بعد ذلك.
١٢٨ - الْغُسْلِ مِنْ مُوَارَاةِ الْمُشْرِكِ
١٩٠ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ نَاجِيَةَ بْنَ كَعْبٍ عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إِنَّ أَبَا طَالِبٍ مَاتَ فَقَالَ: "اذْهَبْ فَوَارِهِ" فَلَمَّا وَارَيْتُهُ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِي: "اغْتَسِلْ".