طائفة جميع صلاته أي وتكون بعد الأولى نافلة وقال الطحاوي: لا حجة فيها لأنها لم تكن بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تقريره وردّه بعضهم بقوله: إنهم لا يختلفون في أن رأي الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة والواقع هنا كذلك فإن الذين كان يصلي بهم معاذ كلهم صحابة وفيهم ثلاثون عقبيًا وأربعون بدريًا قاله ابن حزم ولا يحفظ عن غيرهم من الصحابة امتناع ذلك بل قال بعضهم بالجواز عمر وابنه وأبو الدرداء وأنس وغيرهم. قلت: يحتمل أن يكون عدم مخالفة غيره بناء على ظنهم أن فعله كان بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكون من هذا الوجه أيضًا عدم امتناع غيره من ذلك، قال الطحاوي: لو سلمنا جميع ذلك لم يكن فيه حجة لاحتمال أن ذلك كان في الوقت الذي كانت الفريضة تصلى فيه مرتين، فيكون منسوخًا، قال بعضهم قد تعقبه ابن دقيق العيد: بأنه يتضمن إثبات النسخ بالاحتمال، وهو لا يسوغ، وتعقبه العيني بما حاصله أن إسلام معاذ متقدم، وأن صلاة الخوف، وقال ابن دقيق العيد: يلزم الطحاوي إقامة الدليل على ما إدعاه من إعادة الفريضة، قال العيني: كأنه لم يقف على كتابه، فإنه قد ساق فيه دليل ذلك، وهو حديث ابن عمر لا تصلوا الصلاة وفي اليوم مرتين، ومن وجه آخر أن أهل العالية كانوا يصلون في بيوتهم ثم يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فبلغه ذلك فنهاهم، وفي الاستدلال بذلك على تقدير صحته نظر على ما قاله ابن حجر، لاحتمال أن يكون النهي عن أن يصلوها مرتين على أنها فريضة، وبذلك جزم البيهقي جمعًا بين الحديثين، وقال ابن حجر: وأما استدلال الطحاوي على أنه نهى معاذًا عن ذلك بقوله في حديث سليم بن الحارث: إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف عن قومك فهذا يدل على أنه فعل أحد الأمرين: إما الصلاة معه، أو بقومه ولا يجمعهما فدل على أن المراد عدم الجمع والمنع وكل أمرين بينهما منع الجمع كان نقيضهما منع الخلو كما قد بين في موضعه.