(فليصل هذه الصلاة) أي فليصل صلاة مثل هذه الصلاة، يعني: صلاة الجمع في وقت الأخيرة عند الجمهور، والجمع الصوري عند أبي حنيفة ومن وافقه. والأمر فيه للإباحة، للإجماع على أن ذلك غير واجب وإنما هو رخصة فقط.
• الأحكام والفوائد
الحديث فيه دليل على صحة قول الإنسان: إني في آخر يوم من الدنيا -وإن كان لا يعلم يقينًا أنه يموت- إذا غلب على ظنه ذلك. وفيه: تسمية ما بعد الموت بالآخرة وإن كان برزخًا، وفيه: حسن العشرة والشفقة على النساء، وفيه: ما كان عليه الصحابة من اتخاذ المزارع والإشتغال بها، لأنها كانت معظم الكسب في ذلك العهد عندهم، وفيه: اتخاذ الشخص الكبير لمؤذن إذا كان له أتباع وأبناء، وفيه: أن المؤذن مسؤول عن وقت الصلاة وهو الذي ينبّه عليها، ولهذا كان مؤتمنًا على الوقت. ولم يذكر في هذه الرواية أنه أذن ولكن ذكر أنه أقام، فيكون فيه دليل على عدم الأذان في آخر الوقت أو في حال جمع التأخير. وفيه: تنبيه التابع للمتبوع وهو كثير في السنة، وقد تقدم في قول عمر في صلاة العشاء مثله. وفيه: أن الصلاتين المجموعتين لا صلاة بينهما، وفيه مشروعية جمع التأخير، ولكن ظاهره يؤيد قول من قال باشتراط الجدِّ، وهو قول عند مالك بل هو المشهور عند كثير من المتأخرين من أصحابه.
الْوَقْتِ الَّذِي يَجْمَعُ فِيهِ الْمُقِيمُ
٥٨٦ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا، أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ.