بيتًا) وحديث جابر عند ابن ماجه وصحح المنذري إسناده من بنى لله مسجدًا كمفحص قطاة أو أصغر وهذه اللفظة اختلفوا في المراد بها لأن قوله مسجدًا وإن كانت صريحة في العموم لكن لفظة بنى تقتضي شيئًا مبنيا وهذا القدر المذكور لا يتأتى فيه البنيان ولفظ المسجد شرعًا ينصرف إلى المحل المخصوص للصلاة التي من أجزائها السجود فلذلك قال بعض العلماء: إن هذه الغاية خرجت مخرج المبالغة وهي مهيع في كلام العرب معروف وهذا أقرب عندي إلى الصواب وقال بعضهم: يجوز أن يكون المراد بالبناء عمومه الصادق بالمشاركة فيه بحيث لو قسم المكان على المشتركين لا ينال أحدهم إلا هذا المقدار وقال آخرون: بل لو وسع فيه بقدر هذا المذكور ناله الأجر وما قدمنا أولى ومفحص القطاة المكان الذي يسع جثتها وهي نوع من الطير يقرب من قدر الحمامة وعادتها تفحص في الأرض قدر جرمها وتبيض فيه أحيانًا فتبرك على بيضها.
• الأحكام والفوائد
الحديث يدل على فضل بناء المساجد وهو حقيقة فيمن بنى مسجدًا في أرض يملكها بأي نوع من أنواع التملك أو يجده خرابًا فيعمره ولو كانت أرضه ليست ملكًا له بأن كانت وقفًا أو ملكًا لمن جعلها مسجدا وكذلك إذا تسبب في بنائه أو باشر بناءه لغيره وكل لا يحصل ثوابه إلا بنية خالصة لله -عز وجل-، أما إذا بناه بأجرة فإن لم تكن له نية إلا في أخذ الأجرة فلا أجر له فيه وإن نوى مع الأجرة الاحتساب بالبناء فلا يبعد أن يؤجر فيه لاسيما إذا كان محتاجًا للأجرة لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة" فذكر الرامي به ومنبله يعني الذي أعطاه للرامي وصانعه يحتسب به فهذا نص في أن المحتسب في الصنعة يؤجر، فهل من شرط ذلك أن لا يحصل له نفع غير الأجر ولا ينافي الأجر أن يأخذ عليه نفع.
الْمُبَاهَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ
٦٨٦ - أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ".