الصلاة في الهاجرة والخروج إليها أصعب على النفس، والأجر على قدر المشقة. وقوله:(لاستبقوا) أي: لبادروا بالخروج إليه حتى كان كل واحد منهم يحاول أن يسبق غيره إلى شيء يخاف فوته، وليس المراد بذلك المسابقة التي هي الجري على الأقدام، لأنها تنافي السكينة والنهي عنها ثابت في السنة. وقوله:(ولو علموا ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا) أي: لو علم الناس عظم الأجر في شهود صلاة العتمة -وهي العشاء وصلاة الفجر- لأتوهما ولو بالمشقة العظيمة، كالمشي على الأيدي والركب، وهو الحبو. وتقدم بيان فضل الفجر وشهود الملائكة، وفضل واختصاص الأمة بها وبانتظارها.
• الأحكام والفوائد
وفي الحديث دليل على استحباب ترغيب الناس في الطاعة بذكر الثواب عليها، لأن ذلك مما يسهلها على النفوس، وشواهد ذلك كثيرة في القرآن والسنة. وفيه: دليل على فضل الصلاة والمحافظة عليها، وعلى فضيلة الصف الأول وكثرة الجلوس في المساجد لانتظار الصلاة. وفيه: حجة لمن قال: إن تعجيل الظهر أفضل والإبراد رخصة، وقد تقدم ذلك، وفيه دليل على فضل الأذان -وسيأتي في بابه إن شاء الله- وفضل حضور العشاء والصبح خاصة، وتقدم الكلام على ذلك وفيه: تسمية العشاء بالعتمة، فهو يدل على أن النهي عن ذلك محمول: إما على الكراهة، أو الإكثار المؤدي إلى نسيان اسمها الشرعي. وتقدم ذلك في حديث عائشة السابق: أعتم بالعتمة، وهذا هو محل الشاهد هنا من الحديث.
الْكَرَاهِيَةِ فِي ذَلِكَ
٥٣٨ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ هُوَ الْحَفَرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ عن أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّهُمْ يُعْتِمُونَ عَلَى الإِبِلِ وَإِنَّهَا الْعِشَاءُ".