للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبيداء مقفار يكاد ارتكاضها ... بآل الضحى والهجر بالطرف يمصح

وهجرنا تهجيرًا وأهجرنا وتهجَّرنا: كلها بمعنى: سرنا في الهاجرة، قال الشاعر:

بأطلاح ميس قد أضر بطرقها ... تهجر ركب واعتساف خروق

وقال امرؤ القيس:

فدعها وسل الهم عنك بحسرة ... ذمول إذا صام النهار وهجرا

وفي لغة أهل الحجاز: التهجير إلى الشيء: التبكير إليه والمبادرة، وعليه حمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: المهجر إلى الجمعة كالمهدي بدنة، فإنه لا يمكن حمله على الخروج في الهاجرة، وأما في الحديث عندنا هذا فإنه يحتمل التبكير إلى الصلوات وهو أعم، ويحتمل أن المراد نفس صلاة الظهر وفعلها في الهاجرة. قال الأزهري: يذهب كثير من الناس إلى أن التهجير في هذه الأحاديث من الهاجرة: وقت الزوال، قال: وهو غلط، والصواب فيه أبو داود والمصاحف عن النضر بن شميل أنه قال: التهجير إلى الجمعة وغيرها: التبكير والمبادرة. قال الأزهري وهذا صحيح، وهي لغة أهل الحجاز ومن جاورهم. قال لبيد:

راح القطين بهجر بعدما ابتكروا

قال في القاموس: قوله: (ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه)، بمعنى: التبكير إلى الصلوات، وهو المضي إليها في أوائل أوقاتها) اهـ. ولجعثنة بن جواس الربعي:

وتصحبي أيانقًا في سفر ... يهجرون بهجير الفجر

أي: يبكرون في وقت الفجر. فتحصل من هذا أن التهجير في الحديث يحتمل معنيين: أحدهما: أن التبكير أي المبادرة بالخروج إلى جميع الصلوات في أول وقتها، وتقدم أنها لغة قريش ومن جاورها. والثاني: أن المراد به التفعيل من الهاجرة: وهي شدة الحر، أي الخروج إلى صلاة الظهر، وهي تسمى الهجير كما تقدم لأنها تفعل في وقت الهاجرة، وإليه مال البخاري. ولا يعارض ذلك ما تقدم من الأمر بالإبراد؛ لأنه على سبيل الرخصة والرفق بالناس، وتقدم الخلاف في أيهما أفضل، ولا شك أن المشقة في انتظار

<<  <  ج: ص:  >  >>