احتاج، وكذا القرب منه إن أراد الإستخلاف، والسلامة من كثرة رؤية حركات المصلين، والسلامة من مرور الداخلين، ومن السجود على ذيول المصلين، أو عند أقدامهم، والتبليغ عن الإِمام إن احتاج إلى ذلك، إلى غير ذلك إلا أن الفضل من هذه هو المبادرة، فإناطة الحكم به أولى. وفي الحديث تشويق الناس إلى الطاعة بذكر الفضائل المترتبة عليها. وقوله:(ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا) يفتعلوا، من: استعمال السهام لطلب الحصول على النصيب من الشيء، وكانوا يأخذون السهام فيكتبون أسماءهم عليها إذا اختلفوا في شيء أو أرادوا الحصول على الإستحقاق فيه، ثم يحيلونها في وعاء ونحوه، أو يعطونها لشخص على صورة التعمية، فمن خرج سهمه على شيء كان أحق به. وقوله:(ثم لم يجدوا) من الوجدان الذي هو ضد العدم، أي: لم يجدوا طريقًا للحصول عليهما، والإستثناء مفرغ، والمصدر المنسبك من (أن يستهموا) منصوب على أنه مفعول به لـ (يجدوا)، أي لم يجدوا إلا الإستهام عليه لاستهموا لحرصهم عليه، المقدر: فيما لو علموا ما يترتب عليهما من الخير. وإبهام المفعول في يعلموا وعلموا؛ وهو ما يفيد نوعًا من المبالغة في مقدار ذلك الخير والأجر؛ فكأنه شيء لا يدخل تحت الحصر ولا يعرف له حد. والضمير في (عليه) أي: ما ذكر من الصف والأذان، أو (عليه): على الخير المرتب على كل منهما؛ وقد خصص ابن عبد البر الضمير بالأخير من المذكورين وهو الصف الأول، وردَّ عليه القرطبي بأن ذلك يجعل الأذان لا فائدة في ذكره، وعمدة ابن عبد البر في ذلك أن الأصل عود الضمير إلى أقرب مذكور، ولكن ذلك غير لازم إذا كان السياق يدل على خلافه كما في قوله تعالى:{وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} بعد قوله: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي .. } الآية. ويدل على عوده على الجميع رواية عبد الرزاق عن مالك: لاستهموا عليهما. وقوله:(ولو يعلم الناس ما في التهجير) التهجير: تفعيل من الهاجرة التي هي شدة الحر، فإن الهجير والهجيرة والهجر بالفتح والهاجرة: نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر، أو: من عند زوالها إلى العصر، سمي بذلك لأن الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم تهاجروا، وقال النضر: الهاجرة إنما تكون في القيظ وهي قبل الظهر بقليل، أو: هي شدة الحر. قال ذو الرمة غيلان بن عقبة: