النجاسة من الماء قليل فيتنجس بمجرد الملاقاة، وكل ما نزل بعده يلاقي نجاسة فيتنجس ولا يمكن التطهير وهذا باطل بلا شك. وأيضًا فإن الذَّنوب الذي صُب على البول بجميعه المعروف أنه لا يبلغ حد القلتين على كل تقدير قُدِّرتا به، فإن حكمنا بن جاسة ما دونهما للملاقاة فلا يصح التطهير على هذا الوجه وهو بيّن.
وقد حكى ابن دقيق العيد الإجماع على أن الماء المستبحر جدًا لا يضره شيء، وذكر عن الإِمام أحمد قولًا بأن مفهوم القلتين يستثنى منه ما وقع فيه بول الآدمي وعذرته المائعة، فإنهما إذا وقعا في ماء يبلغ القلتين أو يزيد عليهما عنده؛ يتنجس ما لم يكن مستبحرًا جدًا. فتحصل من هذا أن الاحتجاج بمفهوم حديث القلتين ضعيف، والاحتجاج بحديث أبي سعيد سائغ إلَّا أنه مخصص بالإجماع فيما تغير، والله أعلم.
وأما ما ذهب إليه الإِمام أبو حنيفة، فلم يتضح لي وجه يصلح للاستدلال به، والله أعلم بالصواب.
وسيأتي الكلام على الراوي للحديث عن ابن عمر من بنيه: هل هو عبد الله أو عبيد الله أو هما معًا؟ عند حديث ٣٢٣، والخلاف أيضًا في كونه عن محمد بن جعفر بن الزبير أو محمد بن عبّاد بن الزبير.
٤٥ - باب تَرْكِ التَّوْقِيتِ فِي الْمَاءِ
٥٣ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْقَوْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: دَعُوهُ لَا تُزْرِمُوهُ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا بِدَلْوٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ.