للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البيهقي في سننه وقفه من طريق مجاهد وجعله هو الصواب، وقال ابن تيمية: وهذا كله يدل على أن ابن عمر لم يكن يحدث به عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن سئل عن ذلك فأجاب بحضرة ابنه، فنقل ابنه ذلك عنه) اهـ.

وقد نقل العيني في شرحه على البخاري، في الكلام على حديث النهي عن البول بعد ذكره الاحتجاج به لمذهبهم، أن الماء إذا لم يكن كالغدير إذا وقعت فيه النجاسة لا يصح الوضوء به، ولو كان أكثر من القلتين إلخ؛ عن ابن المديني أنه قال في حديث القلتين: لا يثبت هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تقدير الماء.

أما حديث بئر بضاعة: فقد رواه الشافعي وأحمد وابن ماجه والترمذي وأبو داود والدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث أبي سعيد الخدري. قيل: يا رسول الله: أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر تلقى فيها الحُيَّض ولحوم الكلاب والنتن؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء" وقال الترمذي: حديث حسن. قال ابن حجر -رحمه الله-: وقد جوّده أبو أسامة وصححه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وابن حزم، ونقل ابن الجوزي أن الدارقطني قال: ليس بثابت. قال ابن حجر: ولم نر ذلك في العلل له ولا في السنن، ثم ذكر ابن حجر للحديث عدة طرق تدل على ثبوته.

قلت: لاسيما وقد صححه أحمد وابن معين وهما من أئمة هذا الشأن، فالعجب ممن ينفي صحته على الإطلاق. وأما ما روي عن الشافعي من قوله: لا يثبت أهل الحديث مثله، وكذلك قول الدارقطني نحوه، إنما أراد بذلك نفي الزيادة التي هي قوله: "إلَّا ما غلب على ريحه أو طعمه" وفي رواية: "إلا إن تغير ريحه أو لونه أو طعمه"، فالمنفي هذه الزيادة كما نص عليه الشوكاني وغيره. قال: (وقد عرفت أن الحديث صححه أحمد وابن معين وابن حزم وحسَّنه الترمذي، وجميع طرقه الأخرى موصولة وموقوفة يؤيد بعضها بعضًا، إلا أن الزيادة في الاستثناء ضعيفة كما تقدم) اهـ.

لكن إطلاقه مخصص بالإجماع -كما قالوا- على أن الماء المتغير بالنجاسة نجس قليلًا كان أو كثيرًا. أما وجه الاحتجاج على عدم النجاسة إذا لم يتغير الماء ولو كان قليلًا، بحديث صب الماء على البول؛ فوجهه أن الذي يصل إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>