للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجهول غير معهود في الشرع. ولفظ القلة مشترك بين الكبيرة والصغيرة، وكل منهما يختلف حجمها عن غيرها، ودعوى أن العرب خصصتها بقلال هجر دعوى عريضة لا برهان عليها، وكونه - صلى الله عليه وسلم - مَثَّلَ نبق سدرة المنتهى بقلال هجر في حديث الإسراء؛ لا حجة فيه كما لا يخفى.

والقلال مختلفة في نفسها، فالشافعي يقول: القلتان مقدار خمس قُربَ بناء على أن الواحدة قربتان ونصف، وأبو حنيفة لا يعتبر ذلك كما تقدم، فلم يكن هناك حد مسلَّم. وسيأتي أن الحديث معلول، ومن قال بصحته قد يتعذر عليه الاحتجاج به، لما قدمنا من عدم وجود حد فاصل.

قال الإِمام تقي الدين محمد بن الحسين المعروف بابن دقيق العيد: (هذا حديث قد صححه بعضهم، وهو صحيح على طريقة الفقهاء لأنه وإن كان مضطرب الإسناد مختلفًا في بعض ألفاظه، فإنه يجاب عنها بجواب صحيح بإمكان الجمع بين الروايات، ولكني تركته لأنه لم يثبت عندنا بطريق استقلالي يجب الرجوع إليه شرعًا لتعيين مقدار القلتين)، اهـ.

وقال ابن القيم -رحمه الله- في هذا الحديث: (ومع صحة سنده فهو غير صحيح المتن، لأنه لا يلزم من صحة السند صحة الحديث، ما لم ينتف الشذوذ والعلة ولم ينتفيا عن هذا الحديث. أما الشذوذ: فإن هذا الحديث مع شدة حاجة الأمة إليه لفصله بين الحلال والحرام والطاهر والنجس، لم يروه غير ابن عمر ولا عن ابن عمر غير ابنه عبد الله أو عبيد الله، فأين نافع وسالم وأيوب وسعيد بن جبير، وأين أهل المدينة وعلماؤهم لم يعلموا هذه السنة وهم إليها أحوج الخلق لعزة الماء عندهم، ومن البعيد جدًا أن تكون هذه السنة عند ابن عمر وتخفى على علماء المدينة ولا يذهب إليها أحد منهم ولا يرونها، ومن أنصف لم يخف عليه امتناع هذا، فلو كانت هذه السنة العظيمة المقدار عند ابن عمر، لكان أصحابه وأهل المدينة أول من يقول بها ويرويها، وحيث لم يقل بهذا التحديد أحد من أصحاب ابن عمر؛ علم أنه لم يكن فيه عنده سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما علّته: فالاختلاف على عبد الله بن عمر رفعًا ووقفًا، وقد رجّح المزي وابن تيمية وقفه. ويدل على وقفه؛ أن مجاهدًا وهو العَلَم المشهور والثبت المعروف رواه عنه موقوفًا، كما صوّبه الدارقطني في سننه ورجح

<<  <  ج: ص:  >  >>