وظاهر الحديث أن الدفن في هذه الأوقات محرم من غير فرق بين العامة وغيره، إلا أن يكون عن ضرورة كخوف التغير ونحوه مما يضطر الإنسان إلى الدفن، فإن الحرج في مثل ذلك يكون مرفوعًا بحكم الضرورة، وأما الدفن في هذه الأوقات؛ فقالت الحنفية والشافعية: لا يكره الدفن في هذه الأوقات إلا أن يتحرى ذلك، ما لم يخشى على الميت من التغير، وإلا جاز عند الجميع للضرورة. وذهب أصحاب أحمد إلى أنه مكروه في هذه الأوقات من غير ضرورة، وذهب ابن حزم إلى أن الدفن فيها حرام، والصلاة فيها جائزة من غير كراهية إلا أن يتعمد صلاة التطوع فيها، وهذا من تناقضاته رحمه الله تعالى. وفي الأحاديث التالية الكلام على تفصيل المذاهب في الصلاة النافلة في أوقات النهي.
النَّهْي عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ
٥٥٨ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.