للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تقدم، وقوله: (حين يقوم قائم) القائم هنا المراد به: وقت الإستواء في كبد السماء، فإن المراقب حينئذ للشمس يخيل إليه أنها سكنت عن الحركة، لعدم ظهور زيادة ولا نقصان في الظل حينئذ، وقد تقدم الكلام على الاستواء والزوال في شرح أحاديث الأوقات. و (الظهيرة) شدة الحر، وقوله: (حتى تميل الشمس) غاية لنهاية وقت النهي، و (يزول) أي تميل عن الإستواء إلى جهة المغرب، وهو وقت الزوال وعن بعضهم: أنه أول الدلوك، وقوله: (حين تضيف) أي تميل للغروب، وأصله: تتضيف؛ حذفت إحدى التاءين تخفيفًا على حد قولي ابن مالك -رحمه الله-:

وما بتاءين ابتدا قد يقتصر ... فيه على تاكتين العبر

والمعنى: حين تشرع في الغروب وتجنح له، وضاف الشيء، مال إليه. وقوله: (حتى تغرب) غاية للنهي، وبعد الغروب زال النهي.

• الأحكام والفوائد

الحديث دليل على النهي عن الصلاة ودفن الموتى في هذه الأوقات. وقد اختلف العلماء في ذلك، فذهب جماعة إلى كراهة الصلاة في هذه الأوقات مستدلين بظاهر هذا الحديث وغيره من الأحاديث، منهم أحمد وإسحاق والثوري والنخعي والأوزاعي، وهو قول الحنفية إلا إذا حضرت الجنازة في هذه الأوقات، فيجوز عندهم -أعني الحنفية- الصلاة عليها. وعند المالكية يقسمون أوقات النهي عندهم إلى ثلاثة أقسام بالنسبة لصلاة الجنازة وسجود التلاوة: فيجوز فعلهما بعد الصبح قبل الإسفار البيّن ويكره من الإسفار البيّن إلى أن تشرع الشمس في الطلوع، فيحرم إلى أن ترتفع، وهكذا بعد العصر إلى الإصفرار يجوز عندهم صلاة الجنازة وسجود التلاوة، فإذا كان الإصفرار كره إلى أن تشرع الشمس في الغروب، فيحرم الكل إلى أن تغرب، وهذا بالنسبة لصلاة الجنازة. قال: النووي -رحمه الله- قال بعضهم: (المراد بالقبر صلاة الجنازة قال وهذا ضعيف لأن صلاة الجنازة لا تكره في هذا الوقت بالإجماع، فلا يجوز تفسير الحديث بما يخالف الإجماع. قال: بل الصواب أن معناه: تأخير الدفن إلى هذه الأوقات، كما يكره تعمّد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر، وهي صلاة المنافقين. فأما إذا وقع الدفن بلا تعمد

<<  <  ج: ص:  >  >>