للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المثنى فلهذا جاء بالياء لأنها منصوبة بإن والصلاتين نعت لها أو بدل منها على الخلاف المعروف بين النحويين والمرجح عندهم النعتية في الأسماء المعرفة بالألف واللام الواقعة بعد الإشارة كما هو مقرر في موضعه في النحو والمراد صلاة الصبح وصلاة العشاء المصرح بهما في غير هذه الرواية وكأنها لعلم السامعين بها نُزِّلت منزلة الحاضر فأشير إليها إشارة الحاضر وقوله: (من أثقل الصلاة على المنافقين) وذلك لكثرة دواعي التخلف عنهما عند من لا يحتسب فيهما الثواب وقد وصف الله -عز وجل- المنافقين وحالهم في سائر الصلوات فقال تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}. الآية فهذه صفتهم وحالهم مع سائر الصلوات فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن هاتين أشد الصلوات عليهم وأثقلها عليهم وفي الرواية الأخرى أثقل الصلاة على المنافقين الحديث وهو متفق على صحته وذلك لأن الصلاة في وقت الشتاء في هذين الوقتين يكون البرد فيهما شديدًا ووقت الصبح وقت القيام من النوم والطهارة تصعب على غير المحتسب للأجر وكذلك وقت العشاء يكون البرد شديدًا والنفوس قد مالت إلى الراحة من تعب النهار ورغبت في الدفء والسكون والنوم فيصعب على غير المسلم تكلف المشقة لذلك والمنافق لا يرجو الثواب بخلاف المسلم ولهذا رغب - صلى الله عليه وسلم - في إسباغ الوضوء على المكاره وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لو يعلمون) تقدم الكلام على لو وأن المضارع بعدها بمعنى الماضي كما قال ابن مالك. وإن مضارع. إلخ وتقدم الكلام على ذلك أي لو علموا وفي رواية تعلمون بالخطاب والمعنى واحد لأن حقيقة كنه الثواب غير معلوم لا للمؤمن ولا للمنافق. إلا أن المؤمن مصدّق به في الجملة بخلاف المنافق وقوله: (ما فيهما) أي ما يترتب على فعلهما احتسابًا وطلبًا للثواب لأتوهما ولو لم يستطيعوا الإتيان إليهما إلا حبوًا و (حبوًا) في مثل هذا تعتبر خبرا لكان محذوفة أي ولو كان الإتيان إليهما حبوًا وحذفها مع اسمها في مثل هذا كثير كما قال ابن مالك:

ويحذفونها ويبقون الخبر ... وبعد إن ولو كثيرًا ذا اشتهر

ومنه (ولو خاتمًا من حديدٍ) أي مشيًا على الركب لكنهم لا يصدقون بفضل الله على المحتسبين في الصلاة كما قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>