يكن آثمًا فإنه يفوته الأجر العظيم، وقال المهلب: المراد فواتها في الجماعة، وعلل ذلك بأن الفوات في العمد يأثم صاحبه في كل صلاة، فلا خصوصية للعصر، وهذا بعد تسليم اختصاص العصر بهذا الوعيد، وقد اختلفوا في ذلك فعن ابن [عبد البر](*) أن ذلك لعله جواب لسائل ولهذا ألحق بها غيرها، وتعقبه النووي لعدم تعقل العلة التي هي شرط الإلحاق، ومع ذلك فإن العصر قد اختصت بكونها هي الصلاة الوسطى عند الأكثرين حسبما تقدم، وأنها تجتمع فيها ملائكة الليل وملائكة النهار، والله يخص ما شاء بما شاء. وقوله:(كأنما وتر أهله وماله) رواية الأكثرين بنصب اللام في الموضعين على أن في (وُتر) ضمير يرجع إلى الموصول هو المفعول الأول، ولكنه رفع نيابة عن الفاعل، وهذا بناء على أن (وتر) هنا متعد لمفعولين لأنه مضمن معنى نقص، وإن كان الأصل أن الذي يتعدى إلى مفعولين أفعال القلوب، ولكن قد ينصب الفعل مفعولين إذا كان أحدهما غير صريح وهذا منه، قال تعالى:{وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} أي ينقصكم شيئًا منها. وقيل هنا: سلب أهله، والرفع في اللفظين على أن المراد إيقاع الفعل على الأصل، كأنه قال: أُخِذَ أهلُه، و (مالُه) معطوفًا عليه، وأصل الوتر أن يقتل للإنسان قتيل ثم لا يأخذ بثأره، فكأنها مشتقة من الوتر الذي هو ضد الشفع، لأنه قد يبقى منفردًا فهو موتور. وشبّه النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي تفوته صلاة العصر على أي وجه من الوجوه التي قدمناها؛ بمن يسلب أهله وماله في آن واحد، فيجتمع عليه همّ فوتهم وهمّ الدرك بثأرهم. فالذي تفوته الصلاة أو يفوتها إذا عاين ثوابها عند الله لأهلها يوم القيامة؛ اجتمع عليه مصيبة الإثم الذي يتحمله إن تعمد ذلك ولم يتب منه، ومصيبة فوت الثواب العظيم الذي يحصل لغيره. وظاهر صنيع الترمذي أنه في الساهي، وهو غير ظاهر كما قدمنا، فإنه بوّب للحديث بقوله:(باب ما جاء في السهو عن وقت العصر)، ولفظ الحديث لا يساعد على هذا التخصيص، لأن قوله في حديث ابن عمر: الذي تفوته، وفي حديث نوفل. من فاتته؛ كل من اللفظين يقتضي العموم، فلا يتجه حمله على الساهي إلا إذا حمل السهو على التهاون المفضي بصاحبه إلى الترك ونحوه. وقوله:(خالفه يزيد) إلخ سيأتي بيانه في الحديث الذي بعده.