للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تولى قتال المارقين بنفسه ... وقد أسلماه مبغض وحميم

والتعاقب: تفاعل من عقبه؛ إذا أتى بعده، وقيل: إن هذه الطريق مختصرة وأصل الحديث: الملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، كما في البخاري من طريق شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن أبي هريرة بلفظ: (إن الملائكة يتعاقبون فيكم) كما في بدء الخلق، وسيأتي مثلها للمصنف من طريق موسى بن عقبة عن أبي الزناد. فلهذا قال بعض العلماء: الظاهر أن أبا الزناد كان يرويه مرة هكذا ومرة على الوجه، ويؤيد ذلك كون غير الأعرج من أصحاب أبي هريرة قد رواه تامًا، كما في مسلم وأحمد من رواية همام عن أبي هريرة، لكن بحذف (إنّ) من أوله التي في رواية موسى بن عقبة، وهو عند البزار وابن خزيمة والسراج من رواية أبي صالح عن أبي هريرة كرواية موسى بن عقبة، وأخرجه أبو نعيم في الحلية من رواية أبي يونس عن أبي هريرة بإسناد صحيح. والتعاقب: إتيان جماعة عقب أخرى، كما قال تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ}، فالحفظة للأعمال يتعاقبون كتعاقب الحفظة للإنسان من الشرور. وعن الأكثرين أن المراد هنا الحفظة للأعمال، فيحتمل أن السؤال لأجل أنهم موكلون بأعمالهم. وروى القاضي عياض أنه توبيخ لمن قال: (أتجعل فيها من يفسد فيها). وهذا عندي فيه نوع من عدم اللياقة، بل الظاهر أن المراد به التنويه بشأن المحافظين على الصلاة، وحمل للملائكة على الشهادة لهم بذلك. قال القرطبي -رحمه الله-: (وهذا من خفي لطف الله وجميل ستره؛ حيث لم يطلعهم إلا على هذه الحالة من أحوالهم، ولم يطلعهم على حال شهواتهم وما يشبهها) اهـ. وهذا حسن لكن الجزم به لا يتعين، لأنهم إذا كانوا هم الحفظة فهم يطلعون على الكل، ولكن يقال: إنه لم يسألهم إلا عن كيف تركوهم، فمن لطفه جعل اجتماعهم في هاتين الصلاتين. وقوله: (يتعاقبون) لا ينافي الإجتماع، فإنهم يجتمعون وقت الصلاة ثم يصعد الأولون ويبقى الآخرون. وقوله: (ثم يعرج) دليل على أن هذا العروج بعد الإجتماع المذكور، والعروج: الصعود، يقال: عرج يعرج عروجًا من باب نصر ينصر، وعرج في الشيء وعليه يعرج بالكسر ويُضَمُّ: ارتقى عروجًا فيه أيضًا، وعرج الشيء فهو عريج: إذا ارتفع وعلا. قال أبو ذؤيب الهذلي:

<<  <  ج: ص:  >  >>