للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواية عنده: حر الرمضاء في صلاة الهجير، وهي رواية الثوري عن أبي إسحاق، وأخرجه ابن حبان في صحيحه وعبد الرزاق في المصنف.

• بعض ما يتعلق به

قوله: (شكونا) من شكا يشكو: إذا تضرر من شيء وطلب إزالته عنه، وقوله: (حرّ الرمضاء) هي حرارة الرمل ونحوه من شدة حر الشمس. قال ذو الرمَّة:

معروريًا رمض الرضواض يركضه ... والشمس حيرى لها في الجو تدويم

ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الأوابين حين ترمض الفصال" أي تلجئها الحرارة إلى الظل تتقي به حرٌ الرمضاء، والمراد: ما يصيب أقدامهم من حرها إذا خرجوا إلى الصلاة في أول وقت الظهر عند اشتداد الحر، فطلبوا منه تأخير الصلاة حتى تبرد الأرض على أقدامهم، ويحتمل أن المراد مشقة السجود عليهم، كما جاء في الحديث الآخر أنهم كانوا يسجدون على ثيابهم. وقوله: (فلم يشكنا) أي لم يزل عنا ما شكونا منه، يقال: أشكاه إذا حمله على الشكوى، وأشكاه أيضًا إذا أزال عنه ما يشكو منه، وهو المراد في رواية أبي عوانة: فما أشكانا، ومثلها لعبد الرزاق، أي فلم يجبهم إلى طلبهم. وليس في الحديث ذكر للصلاة، لكن في قول أبي إسحاق. حينما سئل عن ذلك أنه في تعجيل الصلاة فقال: نعم، فبينت هذه الجملة المراد من الحديث، وكذا الزيادة المتقدمة في رواية الثوري عن أبي عوانة. وهذا يشكل عليه الأمر بالإبراد عند شدة الحر، فيحتمل أن هذا الذي ذكره خباب قبل الرخصة، ويحتمل وهو الظاهر عندي أنهم طلبوا شيئًا زائدًا على الإبراد الوارد في الرخصةٌ، فإن العادة تقضي بأن الرمضاء لا تبرد بعد شدة حرها إلا في وقت متأخر كثيرًا، ويحتمل أن ذلك كان في حق من لا يشق عليهم حضور الصلاة، والإبراد في حق من تشق عليهم، لكن ظاهر الحديث يشهد لحصول المشقة. ويحتمل أن المراد بيان أن الإبراد رخصة والتعجيل عزيمة، فكان يأخذ بالعزيمة، وفيه نظر لما عرف من حبه - صلى الله عليه وسلم - للتيسير على الأمة. وبكل من هذه الاحتمالات قال بعض من الناس، وأما ما ذكر عن ثعلب من أن قوله: (لم يشكنا) أي: لم يحوجنا إلى الشكوى وأمرنا) بالإبراد؛ فهو بعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>