للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أو أن التأخير قليلًا يزيد من الجماعة، ولا يخلو من نظر. وعندي أن هذا التعليل يقوي تأويل الطحاوي ومن وافقه، ويشهد له ما ثبت من تطويل النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاة في الصبح، ويقوي هذا: الأثر الوارد عن أبي بكر أنه قرأ في صلاة الصبح بسورة البقرة في الركعتين، فقال له عمر: كادت الشمس أن تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين. ونحوه عن أنس عن أبي بكر: أنه قرأ فيهما بآل عمران، فقيل له فأجاب بمثل ذلك.

• الأحكام والفوائد

والحديث تمسّك بظاهره الإِمام أبو حنيفة ومن وافقه من أصحابه والثوري وأكثر أهل العراق: أن الإسفار أفضل من التغليس، ونُسب ذلك إلى علي وابن مسعود. قالوا: لأن الإسفار يؤدي إلى كثرة الجماعة، ويتسع به الوقت لصلاة الركعتين قبلها. وذهب جمهور فقهاء الإِسلام وأهل الحديث إلى أن التغليس أفضل؛ للأحاديث الدالة عليه وكثرة فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وأما كون التأخير يكثر الجماعة ويمكن من فعل السنة؛ فهذا علة تطرد في كل صلاة، ولو اعتبرناها وجب ردنا للأحاديث الكثيرة الدالة على فضيلة أول الوقت، ومواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك وخلفاؤه الراشدون، وإنكار الصحابة علي بني أمية في تأخيرها، وهذا شيء لا يسوغ رده بمثل ما ذكر؛ لا من هذا الحديث المحتمل لأكثر من وجهين كما تقدم، ولا بتلك التعليلات أيضًا -والله الموفق للصواب- بل الواجب حمله على معنى لا يخالف السنة الصحيحة.

٥٤٦ - أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَا أَسْفَرْتُمْ بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ بِالأَجْرِ".

[رواته: ٦]

١ - إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: تقدم ١٧٤.

٢ - ابن أبي مريم سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم المعروف بابن

<<  <  ج: ص:  >  >>