للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الأحكام والفوائد

الحديث صريح في النهي عن الصلاة في هذين الوقتين، وهو عند مالك -رحمه الله- محمول على الكراهة، إلا في وقت الطلوع أو وقت الغروب فإنها تكون عنده محرمة، كما تقدم في شرح الحديث السابق حديث عقبة بن عامر، إلا أنه يستثني من ذلك صلاة الجنازة قبل الإسفار بعد الصبح وقبل الإصفرار بعد المغرب، وكذا سجود التلاوة على ما تقدم في الحديث السابق. وقال أبو حنيفة: لا تجوز الصلاة في هذه الأوقات ولا تصح، لأن النهي يقتضي الفساد. ولا فرق عندهم بين الفرض والنفل، إلا أنهم استثنوا صلاة العصر في يومها للحديث السابق: من أدرك ركعة من العصر، وهم محجوجون بأن صلاة الصبح مثلها في ذلك. واستثنوا أيضًا الجنازة إذا حضرت في هذه الأوقات، وكذا سجدة التلاوة، وزاد أبو يوسف التنفل يوم الجمعة وقت الزوال، واحتج بما لا تقوم به حجة في مقابل النهي الصريح، وقال أحمد وأصحابه: لا ينعقد النفل مطلقًا في هذه الأوقات الثلاثة، ولا فرق بين ما له سبب وبين ما لا سبب له لعموم أدلة النهي، ولا فرق عندهم في ذلك بين مكة وغيرها ولا يوم الجمعة وغيره، إلا تحية المسجد يوم الجمعة فإنهم قالوا: يجوز فعلها بلا كراهة حال الخطبة ووقت الإستواء. واستدلوا بحديث أبي قتادة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال: إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة"، وهو حديث ضعيف لا تقوم به حجة لأنه منقطع، رواه أبو الخليل عن أبي قتادة ولم يسمع منه. أخرجه أبو داود وفي سنده الليث بن أبي سليم وهو ضعيف، وذكر البيهقي له شواهد كلها ضعيفة، لكنه لو قامت به الحجة لكان في سائر الصلوات يوم الجمعة، لا يخص التحية، والأَوْلى في الإستشهاد للتحية بحديث سليك الغطفاني وهو حديث صحيح فقال له: قم فاركع ركعتين وبالحديث الآخر: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما". وقالوا: يجوز بلا كراهة قضاء الفوائت من الصلوات لحديث: من نام عن صلاة أو نسيها، الحديث فإنه مخصص للنهي كما تقدم. وتعقبه الشوكاني بأنه بين الحديثين عموم وخصوص من وجه، ولكنه يرى أن الإستدلال بحديث: من أدرك من الصبح ركعة؛ أولى لأنه أخص من أحاديث

<<  <  ج: ص:  >  >>