يقول المؤذن كل لفظ منه مرتين، وقد تقدم ذلك في حديث ابن عمر ٦٢٣. وقوله:(والاقامة) أي فعلها مرة أي لا تكرر ألفاظها، وقوله:(إلا أنك تقول: قد قامت الصلاة مرتين) مكررة، وهو مذهب الجمهور ماعدا مالكًا. فإنه لا يرى تكرارها كما تقدم. وتقدم باقي ما يتعلق به، وهو حجة للجمهور على أبي حنيفة -رحمه الله-. قال ابن حجر في شرح حديث أنس الذي قبل هذا الحديث:(وهذا الحديث حجة على من زعم أن الإقامة مثنى مثل الأذان، وأجاب بعض الحنفية بدعوى النسخ، وأن إفراد الإقامة كان أولًا ثم نسخ بحديث أبي محذورة، يعني الذي رواه أصحاب السنن وفيه تثنية الإقامة، وهو متأخر عن حديث أنس فيكون ناسخًا. وعورض بأن في بعض طرق حديث أبي محذورة المحسّنة: التربيع والترجيع، فكان يلزمهم القول به. وقد أنكر أحمد على من ادعى النسخ بحديث أبي محذورة، واحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجع بعد الفتح إلى المدينة وأقر بلالًا على إفراد الإقامة، وعلّمه سعد القرظ فأذن به بعد، كما رواه الدارقطني والحاكم) اهـ. وقد ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن جرير إلى أن ذلك من الاختلاف المباح، فإن ربع التكبير في أول الأذان أو ثناه أو رجَّع أو لم يرجِّع، أو ثنى بالإقامة أو أفردها كلها أو إلا: قد قامت الصلاة؛ فالجميع جائز، ذكره ابن عبد البر. ويروى عن ابن خزيمة فيه مذهب شاذ -وقيل إنه لم يقل به أحد- وهو أنه ربّع الأذان ورجّع فيه، وثنّى الإقامة وإلا أفردها، وحديث ابن عمر هذا يدل على استثناء: قد قامت الصلاة، وأنها تثنى في الإقامة: وقال ابن حجر -رحمه الله- في شرح حديث أنس:(وقد ادعى ابن منده أن قوله: (إلا الإقامة) من قول أيوب غير مسند كما في رواية إسماعيل بن إبراهيم، وأشار إلى أن في رواية سماك بن عطية هذه ادراجًا، وكذا قال أبو محمَّد الأصيلي: قوله: (إلا الإقامة) هو من قول أيوب وليس من الحديث. وفيما قالاه نظر لأن عبد الرزاق رواه عن معمر عن أيوب بسنده، متصلًا بالخبر مفسرًا، ولفظه:"كان بلال يثني الأذان ويوتر الإقامة إلا قوله: قد قامت الصلاة". وأخرجه أبو عوانة في صحيحه والسراج في مسنده، وكذا هو في مصنف عبد الرزاق، وللإسماعيلي من هذا الوجه ويقول: قد قامت الصلاة مرتين. والأصل أن ما كان في الخبر فهو منه حتى