(الإبعاد) مصدر أبعد بمعنى ابتعد، من البعد: ضد القرب، ويتعدى بعن إذا أريد البعد عن الشيء فيقال: أبعد عن الناس وعن المحل، كما يقال: أبعد بنفسه بمعنى جعلها بعيدة، أي تسبب لها في البعد والمراد: البعد بالنفس عن الناس (والحاجة) ما يعرض في نفس الإنسان مما يحب فعله أو حصوله، وهي هنا كناية عن البول والغائط, لأن عادة العرب استقباح ذكر كل منهما باسمه الصريح، فكنّوا عنهما أحيانًا بلفظ الحاجة، وأحيانًا باسم المكان كالبراز والغائط، كما يأتي إن شاء الله، ولم يكونوا يستعملون الكنف في البيوت استقذارًا. وقوله:(إلى الخلاء) تقدم الكلام على لفظة "إلى"، والخلاء - بالمد: أصله المكان الخالي، كانوا يقصدونه لهذا الفعل. وتقدم معنى "إذا".
• الأحكام والفوائد
فيه استحباب البعد عن الناس عند قضاء حاجة الإنسان كما ترجم له المصنف، وهو يدل على استحباب المبالغة في التستر عند التكشف وما في معناه، وفيه استعمال الكناية في الكلام عن الأسماء المستقبحة، وفيه كمال حيائه - صلى الله عليه وسلم - وأدبه لأنهما الحاملان على ذلك، وفيه المحافظة على العورة واستصحاب الإنسان لغيره ممن يخدمه أو يصحبه عادة عند الذهاب لقضاء الحاجة، لاسيما إن ترتبت على ذلك مصلحة كالمساعدة على الطهارة، وقد تكرر منه ذلك - صلى الله عليه وسلم -. وفيه استخدام الأحرار إذا كان ذلك برضاهم لاسيما من تنفعهم صحبته وتزيدهم فضلًا، لتعلمهم منه أو إصلاح حالهم بصحبته، لكن على شرط ألا يؤدي إلى ارتكاب محظور كالنظر للعورة ونحوه.