للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• اللغة والإعراب والمعنى

قوله: (بين كل أذانين) تقدم الكلام على (بين) في شرح أول حديث الإسراء، والمراد به هنا: الظرف الفاصل بين الأذان والإقامة، فهو من باب التغليب فإن العرب قد تعبر عن الاسمين المختلفين باسم أحدهما، كالعمرين والقمرين والأسودين. ويحتمل أن كلا منهما -أي الأذان والإقامة- يسمى أذانًا؛ لأن الأذان هو الإعلام، والأذان إعلام للبعيد بدخول الوقت والإقامة إعلام للقريب بالشروع في الصلاة، فكل منهما بهذا الاعتبار أذان وقوله: (صلاة) أي محل للصلاة أو استحباب الصلاة لقوله: (لمن شاء في الثالثة)، لأنها دلت على عدم الوجوب، ولهذا كان قرينة مانعة من إرادة أذاني كل من الصلاتين، لأن الصلاة بينهما واجبة. والحديث ظاهر في الإطلاق، وهو محل اتفاق في غير المغرب والجمعة. أما المغرب فالصحيح دخوله فيه، والحديث في صلاة الركعتين قبله دليل على ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وأما الجمعة فلا خلاف أنها في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وبعض عهد عثمان لم تدخل، لأنه لم يكن لها أذان إلا بعد جلوس الخطيب، وبعد فراغ المؤذن عند ذلك يشرع الخطيب في الخطبة وتحرم الصلاة حينئذ، إلا ما سيأتي من الخلاف في تحية المسجد. فلما اتفق المسلمون في خلافة عثمان على الأذان الأول وأصبح أذانًا شرعيًا؛ منهم من رأى أنه يدخل تحت العموم وقال باستحباب الصلاة بعده كالحنفية والشافعية، ومنهم من رأى أن الجمعة لم تدخل في ذلك الحكم في العهد الأول، فالواجب أن لا تدخل بعد ذلك.

• بعض ما يستفاد منه

فيه: استحباب الصلاة بعد الأذان وقبل الإقامة، وفيه دليل على الفصل بينهما، وقد اختلفوا في مقداره: فقدّره بعضهم بمقدار صلاة ركعتين، وبعضهم بجلوس أو قيام، وبعضهم لم يحدد له شيئًا.

٦٧٩ - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ الْمُؤَذِّنُ إِذَا أَذَّنَ قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ يُصَلُّونَ، حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>