للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنها شاذة لكونه لم يروه أحد بها غيره وسائر من رواه بلفظ البيت والمنبر مفعل من المنبر وهو الهمز والارتفاع والمراد به الآلة المعدة للخطيب يقوم ليسمع الناس ومنبره - صلى الله عليه وسلم - كان من طرفاء الغابة وكان ثلاث درج وقوله: (روضة من رياض الجنة) روضة مرفوع على أنه خبر المبتدأ الذي هو ما والروضة المكان المتسع يستريض فيه الماء أي يمكث فيه وينبت أنواع العشب والأزهار وتبقى خضرته فلا يسرع إليه الجفاف وربما أطلق الروضة على البستان ورياض الحزن أماكن بهذه الصفة يكثر فيها النبات وتزدهر فتكون نزهة للناس قال الأعشى واسمه ميمون:

ما روضة من رياض الحزن معشبة .... خضراء جاد عليها مسبل جزل

يضاحك الشمس منها كوكب مشرق ... مؤزر بقميم النبت مكتهل

يوما بأطيب منها نشر رائحة ... ولا بأحسن منها إذ نما الأصل. اهـ

وقوله: (من رياض الجنة) أي التي أعدها الله لعباده المتقين. وقد اختلف العلماء في المراد بذلك على أقوال: الأول: أنه تشبيه حذفت منه أداة التشبيه أي كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة بما يحصل لصاحبها من مجالسة أهل الذكر وحلقه. قلت: ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم -: في الحديث الصحيح إذا "مررتم برياض الجنة فارتعوا" ولما سئل عن المراد بها قال: "حلق الذكر" لاسيما الجلوس فيها في عهده - صلى الله عليه وسلم - الثاني: أن المراد أن العبادة فيها تؤدي إلى الجنة فيكون مجازًا من إطلاق المسبب على السبب قلت: ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم - في ضوال الإبل: "تلك حرق النار" الثالث أنه على ظاهره ويحتمل وجهين أحدهما: أن هذه البقعة بعينها تنقل إلى الجنة والثاني: أنها في الأصل من الجنة كالحجر الأسود وما أورده ابن حزم على هذا غير وارد لأنه لا يمتنع شرعًا ولا عقلا حمله على ظاهره أما قوله في الجنة لا تجوع فيها الآية فإن المراد بذلك من دخلها ولا يلزم من ذلك وجود الصفة في كل شيء أصله منها لأنه قال لا تجوع فيها ولا تعرى وهذا صريح فيمن دخلها أي الجنة وهذا من تناقضه فإنه ظاهري جامد ويؤول مثل هذا كما يؤول صفات الرب -عز وجل- ونقل الأبي عن ابن عرفة أنه قال: (لا يمتنع أن يكون من الجنة حقيقة وهذا أمر جائز أخبر الشرع بوقوعه) قلت: ومما يدل على أن الأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>