قوله:(عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي حدثنا أن رسول الله أي بأن فالمصدر إما منصوب بنزع الخافض أو في محل جر بالحرف المحذوف وقد تقدم له نظائر كثيرة وجملة (فطاف) في محل رفع خبر إن وقوله: (في حجة الوداع) الجار والمجرور في محل نصب إما على الظرفية أو على الحال والأول هو الظاهر وقوله: (الوداع) بفتح الواو وضمها وبهما روي الحديث وقد تقدم ذلك في الطهارة وهو اسم من ودعه كوضعه أو ودّعه كوكلّه توديعًا بمعنى تركه ومنه توديع المسافر للناس لأنه يتركهم وادعين وتوديع الناس له تفاؤلًا بالدعة وهي السكون والراحة قال لبيد - رضي الله عنه -:
فودع بالسلام أبا حريز ... وقلّ وداع أربد بالسلام
وقال الأعشى:
ودع هريرة إن الركب مرتحل ... وهل تطيق وداعًا أيها الرجل
وقال القطامي:
قفى قبل التفرق يا ضباعا ... ولا يك موقف منك الوداعا
وقد تقدم في الطهارة وقيل حجة الوداع لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودع المسلمين فيها وقوله:(على بعيره) أي راكبًا على بعيره فالجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من قوله: (طاف) وقوله: (يستلم الركن) أي يمسه بمحجن والباء للاستعانة كما في قولك كتبت بالقلم والجملة حالية و (المحجن) مفعل من الحجن وهو الاعوجاج والجمع محاجن قال ابن مقبل:
وصرح السير عن كتمان وابتذلت ... وقع المحاجن بالمهدية الذقُن
وهو عصا معوجة الرأس يرتفق بها الإنسان.
• الأحكام والفوائد
الحديث فيه دليل على جواز الركوب في الطواف وقيّده بعضهم بالعذر لما روى أبو داود من طريق يزيد بن أبي زياد وفيه مقال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يشتكي فطاف على راحلته فلما أتى على الركن استلم بمحجن وفي مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه -: أنه طاف على راحلته ليراه الناس وليشرف ليسألوه وقد