التحليق يضيق على المصلين وأما غير الجمعة فلا بأس به فقد ثبت في الصحيح فعله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الثلاثة الذين أتوه وهو يحدث أصحابه في المسجد فاما أحدهم فوجد فرجة فجلس فيها الحديث وقيده بقوله قبل الصلاة لأن العلة المذكورة بعد الصلاة تزول وقوله:(وعن الشراء) أي ونهى عن الشراء وعن البيع في المسجد لأنه من أمور الدنيا التي لا تصلح في المسجد.
حمل الجمهور النهي في الحديث عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة على الكراهة ولا فرق بين أن يكون للعلم أو للوعظ وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالطاعة أو لتدبير أمور المسلمين وينبغي تقييده بعدم الضرورة وقيد النهي بيوم الجمعة كما تقدم وقبل الصلاة وهو يدل على أنه غير مكروه في غير هذا الوقت وقد ثبت في صحيح البخاري مسلم عن أبي واقد الليثي قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فأقبل ثلاثة نفر الحديث الذي تقدمت الإشارة إليه في التخريج قريبًا وقوله في الحديث فرأى فرجة فجلس فيها دليل على أنهم كانوا متحلقين عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد.
وأما البيع والشراء فقد قال بتحريمه: فقهاء الحنابلة لظاهر هذا الحديث ولا فرق عندهم بين المعتكف وغيره ولا بين القليل والكثير وسواء كان لحاجة أم لا قال أحمد: إنما هذه بيوت الله لا يباع فيها ولا يشترى ورأى عمران القصير رجلًا يبيع في المسجد فقال: (يا هذا إن هذا سوق الآخرة فإن أردت البيع فاخرج إلى سوق الدنيا). اهـ وعند المالكية يحرم البيع والشراء إذا كان بسمسرة وهي المناداة على السلعة في المسجد لأنه جعله مثل السوق وأما إذا كان بدونها فهو عندهم مكروه.
وقال الشافعية: يكره إلا للمعتكف فيما لابد له منه خاصة فهو جائز له. وقال الحنفية: يكره البيع، والشراء إذا عم المسجد أو غلب عليه وإلا فلا كراهة قال الطحاوي: ما نهي عنه من البيع هو الذي يعمّ أو يغلب عليه حتى يكون كالسوق فذلك مكروه وأما ما سوى ذلك فلا قال: ولقد روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على إباحة العمل الذي ليس من القرب في المسجد وذكر مسنده إلى علي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث وفيه ولكنه خاصف النعل قال: وقد ألقى إلى عليِّ نعله ليخصفها إلخ. ثم قال: إذ لو اجتمعوا كلهم