للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى أن قال: وهي من أدون الثياب ويقال: هي كساء غليظ لا علم له فإذا كان له علم فهو خميصة وإن لم يكن فهو انبجانية.

• الأحكام والفوائد

الحديث يدل على جواز لباس الثوب المعلم وجواز الصلاة فيه وفيه دليل على كراهته إذا علم أو خاف أنه يشغل باله عن الصلاة وفيه: أن شغل البال الخفيف لا يفسد الصلاة وهو مجمع عليه ومن حكى عنه أن ذلك يضر فهو قول شاذ منبوذ لا يقدح فيما حكى من الإجماع في ذلك وهذا الحديث يرده وفيه: أن المصلي ينبغي أن يحرص على حصول الخشوع التام ويبتعد عما يظن أنه يشوش عليه ولهذا نهى عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين ومع حضور الطعام وفيه: طلب منع النظر إلى ما يشغل القلب عن الخشوع ولهذا كان بعض السلف لا ينظر إلا إلى موضع سجوده وفيه: دليل على أنه ينبغي أن يكون فرش المسجد خاليًا من التزويق والزخرفة وكذلك جدرانه وعمدانه لأن النظر إلى الكل مع الزخرفة مشغل للقلب وكذا تزويق المحراب ونحوه وعموم البلوى بذلك لا يغير حكمه في الشرع وفيه: قبول الهدية والمعاطاة بين الأصحاب وأهل المودة وطلب ذلك منهم واستدل به بعض الفقهاء على صحة المعاطاة في العقود دون توقف على الصيغة وقال بعضهم: إنه ردها إليه وقد أهداها له وخاف أن يتأثر بردها فطلب نبجانية جبرًا لخاطره قال العيني -رحمه الله-: وفيه أن للصور الظاهرة تأثيرًا في الأنفس الطاهرة والقلوب الزكية وقد استشكل بعضهم بعثها إلى أبي جهم مع كونه كرهها لنفسه والجواب ما قدمنا ومن أنه ردها إليه لأنها من عنده في الأصل وقد روى الطحاوي عن المزني عن الشافعي قال: حدثنا مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أهدى أبو جهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خميصة شامية لها علم فشهد فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة فلما انصرف قال: "ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم" الحديث وهو إحدى روايتي الموطأ لهذا الحديث فهذا ظاهر في أن الخميصة في الأصل من عنده فلهذا ردها عليه مع أنه لا يستلزم ذلك أن يصلي فيها أبو جهم بعدما كره ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - بل يستطيع أن يبيعها أو ينتفع بها في غير الصلاة والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>