للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غيرها من باب أولى وأحرى، فلا مفهوم لتخصيص حالة البول لأن ذكرها بالخصوص لما قدمناه. وقد استشكل العلماء رحمهم الله تعالى هذا النهي مع النهي عن الاستنجاء باليمين، فإن الإنسان إذا أراد أن يمسح ذكره لابد أن يقع في أحد الأمرين المنهي عنهما، وهما: التمسح باليمين أو مسك الذكر باليمين، لأنه إن مسك الذكر باليسار استنجى باليمين، وإن استنجى باليسار مسك الذكر باليمين، وأجابوا بأن التخلص منه بأن يجعل الآلة حجرًا أو غيره في يده اليمنى ويمسك العضو باليسار، ويسكّن اليمين والحجر فيها ويمسح العضو على الحجر وهو ثابت، فتكون حركة المسح باليسار، وقد قال ابن حجر في شرح ترجمة الباب عند البخاري: لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال.

إن البخاري أشار إلى أن النهي المطلق عن مس الذكر باليمين في الباب قبله، محمول على المقيد بحال البول فيكون ما عداه مباحا، ثم ذكر عن بعض العلماء نحو ما قدمنا أنه من باب أولى، ثم ذكر عن ابن أبي جمرة أنه استدل على الجواز بقوله - صلى الله عليه وسلم - لطلق بن علي لما سأله عن مس الذكر: "إنما هو بضعة منك"، فدل على الجواز في كل حال، فخرجت حال البول بهذا الحديث الصحيح وبقي ما عداها على الإباحة. قال ابن حجر: والحديث الذي أشار إليه صحيح أو حسن، وذكر -رحمه الله- أنه قد يجاب عنه بأن حمل المطلق على المقيد غير متفق عليه عند الأصوليين. قال: وقد استنبط منه بعض العلماء عدم جواز الاستنجاء باليد وفيها خاتم منقوش فيه اسم الله تعالى، لكون النهي عن ذلك لتشريف اليمين فيكون ذلك من باب أولى، وقال: وما وقع في العتبية عن مالك من عدم كراهة ذلك أنكره حُذّاق أصحابه. قلت: ومقتضى النهي في الحديث التحريم، ولكن حديث طلق يصلح أن يكون دليلًا صارفًا له عن التحريم إلى الكراهة. والله أعلم.

٢٥ - أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى -هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>