للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"من زجاج" وفي رواية "جفنة" وفي رواية "ميضأة" وفي رواية: "مزادة" ولا تعارض لاحتمال اختلاف التعبير عن ذلك. أو تعدد القصة والغرض من ذلك أن الذي أُتيَ به قليل لا يكفي الناس، (فوضع يده في ذلك الإِناء) المراد الذي فيه الماء القليل. وقوله: (فأمر الناس أن يتوضّئوا) -أي بالوضوء من ذلك الماء كما في الرواية الأخرى فقال "حي على الطهور والبركة"- أي بأن يتوضئوا فالمصدر مجرور بالحرف في محل نصب بالفعل. وقوله: (ينبع) أي يخرج من بين أصابعه ونبع الماء ينبع مثلث الباء إذا خرج. (حتى توضّئوا) حتى تكون للغاية والابتداء بمعنى أن الذي بعدها يكون جملة ابتدائية اسمية كقول جرير:

وما زالت القتلى تمور دماؤها ... بدجلة حتى ماء دجلة أشكلا

أو فعلية فعلها ماض كما في قوله تعالى: {حَتَّى عَفَوْا} وكما هنا حتى توضّئوا، أو مضارع كما في قوله: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} وقد تقدّم الكلام عليها في الحديث رقم (١).

وقال الكرماني: حتى للتدريج، ومن للبيان أي: توضأ الناس حتى توضأ الذين من عند آخرهم وهو كناية عن جميعهم وتعقبه البدر العيني فقال: إنما تكون للبيان، إذا كان فيما قبلها إبهام ولا إبهام هنا، قال: والظاهر أن من هنا للغاية، والمعنى: توضأ الناس من عند أولهم حتى انتهوا إلى آخرهم، على أن من تأتي على خمسة عشر وجهًا والغالب عليها أن تكون للغاية حتى ادَّعى قوم أن سائر معانيها راجعة إليها، قال ولم أجد في هذه الخمسة عشر مجيء من بمعنى إلى، ثم ذكر أن الكرماني ادَّعى أنها لغة شاذة ولم يبيّن ذلك بمعنى أن الكرماني حكى عن النووي أن من هنا بمعنى إلى وهي لغة، وردَّه بأنه شاذ لا يقع في فصيح الكلام، ثم قال العيني: (إن استعمل بمعنى إلى في كون كل منهما للغاية لأن من لابتداء الغاية وإلى لانتهاء الغاية يجوز ذلك لأن الحروف ينوب بعضها عن بعض) اهـ. قلت: وهذا يدل على صحة الوجه الذي ذكره النووي -رحمه الله تعالى- والله أعلم.

والشخص الأخير داخل، وكذلك أنس لأن الصحيح عند الأصوليين أن الشخص المخاطِب بكسر الطاء يدخل في متعلّق الخطاب نفسه أمرًا كان أو نهيًا وكذا خيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>