وقريش البطاح الذين يسكنون داخل مكة وقريش الظواهر يسكنون بظاهرها، وهم دون إخوتهم لأن الذي جمع قريشًا وهو قصى أسكن بني كعب بن لؤى داخل مكة وهم رهطه فكان لهم بذلك الفضل على من كان بظاهرها من قريش وهم بقية بني فهر بن مالك وبطحاء مكة وأبطحها واديها وهو منزله - صلى الله عليه وسلم - قال الخريت واسمه الحارث المخزومي:
طرقتك بين مسبح ومكبر ... بحطيم مكة حيث كان الأبطح
فحسبت مكة والمشاعر كلها ... وجبالها باتت بمسك تنفح
وهو أيضًا المحصب ومنى منه لأنها في أعلاه والأباطح بطون الأودية إذا اتسعت وانتشر فيها الماء قال ذو الرمة:
بحيث استفاض القنع غربي واسط ... نهاء ومجت في الكثيب الأباطح
ومما ينسب لمعاوية - رضي الله عنه -:
نجوت وقد بل المرادي سيفه ... من ابن أبي شيخ الأباطح طالب
والمحصّب هو منزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفتح وفي حجة الوداع التي كان فيها حديث أبي جحيفة هذا، وفي حديث أسامة بن زيد أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أين تنزل غدًا؟ فقال: منزلنا غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر وقوله: بالبطحاء أي حضرته ورأيته حال كونه نازلا بالبطحاء، قوله:(وأخرج بلال فضل وضوئه) الظاهر أنه ما زاد من الماء الذي كان يتوضأ منه أي يغترف منه لغسل أعضاء وضوئه ويحتمل أنه المتقاطر من أعضائه عند غسلها يجمعونه للتبرك به - صلى الله عليه وسلم - لكن حصول الماء من المتقاطر من أعضاء