للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يستدلوا به على اشتراط الطهارة لصحة الصلاة وذلك لا يتم إلا بتفسير القبول بمعنى يرادف الصحة حتى يستلزم نفيه نفي الصحة ويمكن ذلك بتفسير القبول بحصول الغرض المترتب على العمل الموصوف بالقبول كقبول العذر ونحوه تقول اعتذرت إليه فقبل عذري وقبول العذر محو أثر الذنب الحاصل والموجدة عليه فيقال: الغرض المطلوب من العبادة شرعًا وقوعها على الوجه المجزئ الذي تجزئ به صاحبها وتبرأ ذمته منها فيترتب على ذلك حصول الثواب المرتب من الله عليها لأن الشرع دل على أنها إذا وقعت على الوجه المطلوب ترتب على ذلك براءة الذمة منها وحصول الثواب.

وما تخلف عن ذلك فلدليل آخر أي لارتكاب المكلف لذنب أوجب له ذلك كعدم قبول صلاة من أتى عرافًا والعبد الأبق ووجه التلازم بين القبول بهذا المعنى وبين الصحة إما لأن الدليل عليه بمقتضى أحاديث الوعد في الطاعة وإما لتلازم الصحة والقبول شرعًا فإنه لا يتخلف عنها إلا لعلة أخرى كما ذكرنا في العرّاف والعبد الأبق وشارب الخمر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا" فأحاديث الوعد بالثواب على الطاعة ليس فيها أكثر من اشتراط وقوع الفعل على الوجه المأمور به شرعًا ولا يشكل على ما ذكرنا من التلازم كون القبول قد يقال إنه أخص من الإِجزاء لأن القبول ترتب الثواب على الفعل والإِجزاء وقوعه مطابقًا للأمر لما قدمنا من أن الأدلة دلت على التلازم شرعًا والعمدة عليها فبهذا يتم الاستدلال بنفس القبول على نفي الصحة وبثبوته على ثبوتها، وأما قوله: "لا يقبل الله صلاة حائض بغير خمار" فهو لا يخرج عنها لأن الخمار تتوقف عليه صحة صلاتها فهي إذا صلت بدونه لم تقع صلاتها على الوجه المطلوب شرعًا، والله أعلم، وقوله: (بغير طهور) بضم الطاء لأنه الفعل أي: المراد به في الحديث هنا التطهر الذي هو فعل الطهارة وقد تقدم أنه بهذا المعنى يكون بضم الطاء على الصحيح وقوله (ولا صدقة) أي: ولا يقبل صدقة من غلول فكلمة ولا عاطفة و (الغلول) أصله الخيانة كما سيأتي في بابه إن شاء الله، وقد يكون المراد هنا ما هو أعم من ذلك فيكون عامًا في كل مال حرام من غلول أو غيره فإن الصدقة من الحرام مردوده باتفاق كما دل عليه الحديث: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>