أخرجه أبو داود وأحمد وابن الجارود وابن خزيمة وابن ماجه وقال ابن حجر: إنه صححه ابن خزيمة وغيره، وفي أبي داود زيادة وهي:"فمن زاد على هذا أو نقص" وهي شاذة وفيها إشكال يمنع من قبولها وهو أن النصوص مصرحة بجواز الوضوء مرة مرة ومرتين ومرة في بعض الأعضاء ومرتين أو ثلاثًا في البعض وكل ثابت في الصحاح وقد تقدم وسيأتي.
• اللغة والإِعراب والمعنى
قوله:(هكذا) الهاء للتنبيه وقد تقدم الكلام عليها أول آية الطهارة والكاف: للتشبيه واسم الإشارة وهو ذا أي مثل هذا الذي رأيت الوضوء الشرعي فقوله: (كذا) خبر مقدم و (الوضوء) مبتدأ مؤخر أي الوضوء مثل هذا أي على الصفة التي أراه إياها وهي كونه ثلاثًا ولا ينافي ذلك ما تقدم من الوضوء مرة مرة ومرتين وفي البعض مرتين وفي البعض ثلاثًا لأن المراد هنا الوضوء الكامل شرعًا وقوله: (من زاد) من شرطية وزاد فعل الشرط أي على الثلاث وقوله: (فقد) الفاء واقعة في جواب الشرط وقد للتحقيق وقوله: (أساء) أي أتى بشيء سيئ من خلاف السنة لأن رؤية نتيجة مخالفة السنة تسوء صاحبها إذا رآها يوم القيامة وقوله: (تعدى) التعدي مجاوزة الحد في الأمور وظلم نفسه لمخالفته للشرع لأن عاقبة المعاصي يرجع ضررها على الإِنسان فلهذا سميت ظلمًا للنفس وسيئة لأن صاحبها يسوءه أن يراها كما قدمنا.
• الأحكام والفوائد
وفي الحديث دليل على استحباب التثليث في الوضوء كما تقدم ويأتي وفيه: أن الزيادة على الثلاث غير مشروعة وكل من الأمرين متفق عليه وفيه: التحذير من الإِسراف لأنه إذا كان في زيادة غرفة من الماء ففي غيرها من باب أولى وأحرى، وفيه: التعليم بالفعل وهو أبلغ من القول.
قلت: وقد تساهل الناس كثيرًا في الإِسراف في كل شيء حتى كأنه غير منكر وخاصة في الطهارة وتحقق بذلك مصداق قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه عبد الله بن مغفل عنه -عليه السلام- كما في سنن أبي داود وابن ماجه.