الحديث دليل على أصل عظيم من أصول السنة وقاعدة جليلة في الأحكام الفقهية وهي:"أن الشك لا يرفع به اليقين السابق" بل عند الشافعية دل على أنه لا يرفع بالظن فالأصل أن الأشياء تبقى على أصلها حتى يثبت ما يخرجها عن أصلها ويتحقق أي بمناف محقق فلا يضر الشك الطارئ على اليقين ويدخل تحت هذه القاعدة أمور كثيرة وهي متفق عليها في الجملة وإن اختلفوا في تطبيقها واستعمالها وهذه المسألة من مسائلها وهي: أن من شك في الحدث بعد تحقق الطهارة وجب أن يبقى على يقين الطهارة حتى يتيقّن الحدث بعدها الذي هو نقيضها كما أن من شك في الطهارة بعد تحقق الحدث وجب أن يبقى على الحدث حتى يتحقق النقيض وهو الطهارة وهذا هو المعروف عند الأصوليين باستصحاب الأصل وجمهور الفقهاء على أن الشك في الحدث بعد تحقق الطهارة لا ينقض الطهارة إلا مالكًا فعنه في ذلك ثلاث روايات: إحداها: وهي المشهورة عند أهل مذهبه أنه ينقض في الصلاة وخارج الصلاة لأن الذمة لا تبرأ إلا بيقين وحملوا الحديث على أن المراد به الموسوس وفيه ما فيه لأنه تخصيص للحكم بدون مخصص. قالوا لأن شكي في الغالب تكون دالة على حصول الضرر أي من هذا الشك لكثرته وفيه نظر لاحتمال أنه شق عليه جهل حكم المسألة لعظم شأن الصلاة فشكا ليزول عنه الجهل وقد شكا علي من المذي ولم يكن موسوسًا، والثانية: وهي أقوى من حيث الدليل والنظر وهي: أن الشك إذا حصل في الصلاة يستمر فيها كما هو نص الحديث ولأنه دخل العبادة بوجه صحيح فتلبّس بحرمتها فليس له قطعها إلا بعد اليقين للحدث وإن شك قبل الدخول في الصلاة فلا يدخلها إلا بيقين لما تقدّم من أن الذمة لا تبرأ إلا بيقين وهو رواية عند الشافعي ذكرها النووي في الروضة والرافعي وهي أحوط. وروي ذلك عن الحسن البصري. الثالثة: كقول الجمهور أنه لا يؤثر في الصلاة، ولا خارج الصلاة وسوى الشافعية في هذه المسألة بين الشك والظن وهو خلاف الأصول وإن كان يتخرّج على قول بعض أهل اللغة أن خلاف اليقين ظن وعن بعض المالكية قصر الحكم على الريح دون غيره من النواقض وهو بعيد. قال الخطابي: فيه دليل على وجوب الحدِّ