للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منه منسوخ بحديث ابن عباس عن ميمونة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاة ثم صَلىَّ ولم يتوضأ، وحديث سويد بن النعمان في غزوة خيبر أنه - صلى الله عليه وسلم - أكل السويق ولم يزد على أن تمضمض وصلى، وهو قول الخلفاء الراشدين وعبد الله بن مسعود وأبي الدرداء وعبد الله بن عباس وابن عمر وأنس على اختلاف عنهما وهو مروي عن أبي هريرة وأبي موسى الأشعري وأبي بن كعب، وأبي طلحة وعامر بن ربيعة وأبي أمامة والمغيرة بن شعبة وجابر بن عبد الله وجماهير التابعين وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وابن المبارك والثوري وأهل الكوفة وأكثر أهل الحجاز ورأوا أن هذه الأحاديث منسوخة واستدلوا بحديث جابر الآتي: "كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مسَّت النار".

وبالحديثين السابقين حديث ميمونة وحديث سويد بن النعمان وهو حديث جابر نص في محل النزاع وقوَّاه مالك بعمل الخلفاء الراشدين فإنهم كانوا لا يتوضئون منه وهو مرجح عند اختلاف الخبرين فهو دليل على أن الأمر بذلك منسوخ ومع ذلك فهو قول أكثر أهل العلم حتى قال النووي -رحمه الله-: إن الخلاف كان في الصدر الأول ثم حصل إجماع السلف على عدم الوضوء منه وقد ثبت أكله - صلى الله عليه وسلم - مما مست النار ولم يتوضأ عن جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وجابر بن عبد الله كما تقدم وعمرو بن أمية وميمونة وأبو رافع وسويد كما تقدم.

وظاهر كلام الشوكاني -رحمه الله- أن هذا يدخل فيما خالف فيه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره للأمة، والمتقرر في الأصول أن فعله إذا خالف أمره يحمل على الخصوصية.

قلت: وهذه القاعدة على تسليمها في كل مخالفة ينبغي أن لا تتناول فعل الصلاة والحج لقوله في الصلاة: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وفي الحج (خذوا عني مناسككم) ووسيلة الصلاة لها حكمها في البيان والتعليم واتفاق من تقدم ذكرهم من الصحابة والسلف دليل على النسخ لأنه أمر ضروري متعلق بالصلاة وهم المبلغون لها ولأفعالها المتعلقة بها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد يقال إن الجمع ممكن بحمل الأمر على الندب والترك على عدم الوجوب ولم أر من

<<  <  ج: ص:  >  >>