قولها:(يغتسل في القدح) قال النووي في شرح مسلم: (هكذا هو في الأصل وهو صحيح ومعناه: من القدح) اهـ. أي من الماء الذي في القدح، والقدح: واحد الأواني التي تتخذ للشرب، وقال بعض أهل اللغة: يسع اثنين، وقيل: من غير تقدير، وفسرته هنا بقولها:(وهو) أي القدح (الفرق) والفرق بفتح الفاء والراء وبسكون الراء لغتان والفتح أشهر وأفصح، قال سفيان في رواية مسلم: والفرق ثلاثة آصع يعني أنه إناء يسع ثلاثة آصع والآصع جمع صاع، قال النووي -رحمه الله-: (صحيح فصيح وقد جهل من أنكر هذا وزعم أنه لا يجوز إلا أصوع، وهذه منه غفلة بيّنة أو جهالة ظاهرة فإنه يجوز أصوع آصع، فالأول: هو الأصل والثاني: على القلب فتقدم الواو على الصاد وتقلب ألفًا، هذا كما قالوا آدر وشبهه). قال:(ويقال: صاع وصوع بفتح الواو والصاد والصواع ثلاث لغات) اهـ. وقولها:(اغتسل أنا وهو في إناء) المراد بالإِناء: ذلك الفرق و (في) بمعنى مِنْ وهي لبيان جنس ما فيه الماء، ولو لم يستوعب الغسل جميع ما فيه.
• الأحكام والفوائد
والحديث: دليل على جواز اشتراك الرجل وامرأته في الغسل في إناء واحد، وتقدّم أنه يستدل به الجمهور على جواز التطهير بفضل طهارة المرأة، ولا خلاف بين العلماء في جواز اشتراكهما, ولا معنى للتفرقة بينه وبين انفرادها به كما ذهب إليه أحمد وداود، وسيأتي ما يدل على جواز استعمال فضلة طهارتها منفردة، وذكر النووي أيضًا الاتفاق على جواز تطهر المرأة بفضل طهارة الرجل وإنما الخلاف في العكس كما تقدم، والحديث ذكره المصنف في القدر الذي يكتفي به الرجل، وليس نصًا في ذلك وإن كان يدل في الجملة على عدم التحديد، لأن الذي يأخذه من هذا الإِناء والذي تأخذه عائشة غير معلوم، وفي الروايات التحديد بالصاع وبالخمسة المكاكي، فدل ذلك على أن الأمر ليس على التحديد كما قدمنا وإنما للتقريب، وأما اختلاف الروايات في ذلك فمحمول على تنوع حالات اغتساله - صلى الله عليه وسلم -.
٢٢٩ - أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ وَيَغْتَسِلُ بِخَمْسَةِ مَكَاكِيَّ.