وقولها:(نُفيض على أيدينا) تفسير لقولها: نغتسل، والإفاضة: الإِسالة والصب ومنه: فاض الدمع إذا كثر حتى سال، قال امرؤ القيس:
ففاضت دموع العين مني صبابة ... على النحر حتى بل دمعي محملي
و(ننقيها) أي ننظفها. وقولها:(نفيض عليها) هكذا هو في جميع النسخ وظاهره أن الضمير يرجع إلى الأيدي، ولا معنى له إلا إذا ذكر ما يفعل به ذلك، وفسره ابن عبد الهادي بأنه راجع إلى الأبدان فالمعنى: نفيض على أجسادنا، فجعل الضمير المؤنث راجعًا إلى الأجساد لأنها هي المغسولة، فكأنها مذكورة بذكر الغسل لأنه لا يكون إلا لها، وفي النسخة المطبوعة من الكبرى:(نفيض علينا) بضمير الجماعة وهي ظاهرة المعنى، وإطلاق لفظ الجمع على الاثنين جائز، قال تعالى في حق داود وابنه سليمان:{لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ}. وقول الأعرج:(لا تذكر فرجًا ولا تباله) فسره ابن عبد الهادي -رحمه الله- بأن معناه لا تتباله أي لا تظهر البله وهو الحماقة، وهذا التفسير غير ظاهر ولا وجه له هنا، وهو يرى أن الرواية فيه:(لا تتباله) في الأصل: حذفت إحدى التاءين كما هو معروف في نظائره، ولكن الرواية في السنن الكبرى (تباليه) بإثبات الياء بعد اللام، وهذا هو الذي يظهر به معنى الجملة وهو أنها لم تذكر غسل الفرج ولم تبال بذلك، بل اقتصرت على ذكر الغسل في البدن لأن غالب الروايات فيها البداءة بغسل الفرج فلم تذكره أم سلمة هاهنا. والظاهر أن هذا أقرب للصواب من تفسير الشيخ السندي -رحمه الله وإيانا- أي: فذكرت الغسل ولم تبال بذكر الفرج، ولعل الحامل له على هذا التفسير حذف الياء من النسخة التي عنده، ولعله خطأ من بعض النساخ كما يشهد له ثبوتها في السنن الكبرى أو على لغة من يجزم في النفي.
• الأحكام والفوائد
في الحديث دليل على جواز إغتسال المرأة مع زوجها كما تقدم أنه مجمع على جواز ذلك لهما من إناء واحد، وتقدمت الأحاديث في ذلك وهو يدل بطريق اللزوم على استعمال كل منهما فضلة طهارة الآخر، وقد تقدّم أن ذلك مذهب الجمهور، وخالف في ذلك أحمد وداود كما سيأتي إن شاء الله، أي: في حال انفراد المرأة بالماء دون غيرها من الحالات.