بعدما ذهب واغتسل، وارتفاع النهار: توسط الشمس في كبد السماء قبل الزوال. وقوله:(إني كنت جنبًا) هذا على سبيل الإخبار بالعذر الذي حاد بسببه عنه - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله:(جنبًا) تقدم تفسير الجنب وأنه وصف يستوي فيه المذكر والمؤنث عند الأكثرين، وتقدم الكلام عليه مستوفى في شرح الآية أول الكتاب والحمد لله، والمعنى: كنت جنبًا فظنت أنه لا يصلح لي مجالستك مع الجنابة، ولا ينبغي أن تمسني.
وقوله:(إن المسلم لا ينجس) أي لا تصير ذاته نجسة بالحدث، لأنه وصف حكمي رتبه الشارع على البدن، ولا يتأثر به بدن المؤمن أكثر من الحكم عليه بالمنع مما تمنع الجنابة منه شرعًا، فالمؤمن لا يصير بدنه نجسًا ولو تنجس، فإنها لا تؤثر فيه نجاسة البدن وإنما تنجس محلها مادامت باقية بوجودها، وكذا حكم محلها قبل الغسل حكم وجودها عند الأكثرين، ولا يستلزم ذلك نجاسة البدن الذي هي عليه.
• الأحكام والفوائد
الحديث فيه: دليل على جواز مماسة الجنب وهي محل مناسبته للترجمة، وفيه: التصريح بأن بدن المسلم لا يكون نجسًا بحال من الأحوال، لا في وقت الجنابة والحيض ولا غير ذلك، وإن تنجس بدنه أو بعض منه فهي نجاسة عارضة تزول، وتمسك بمفهومه من قال بنجاسة الكافر وقد نُسب القول بذلك للشافعي وأنكره الحافظ ابن حجر، ونُسب لمالك على أنه قول في مذهبه. ومذهب الجمهور طهارة بدن الآدمي، واستدلوا بربط النبي - صلى الله عليه وسلم - لثمامة في المسجد وحبسه لأسارى طيء فيه وإنزاله وفد ثقيف قبل إسلامهم المسجد، وأجابوا عن قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} بأن المراد نجاسة القلب التي هي الشرك كما يفيده العنوان بلفظ الشرك مع أداة الحصر، أو أن الغالب على أعضائه التلبس بالنجاسة لأنه لا يتوقاها فالنجاسة في ذلك عارضة. ومما استدلوا به جواز نكاح الكتابيات، ووجه الاستدلال أن النكاح يستلزم المخالطة والتلوث بعرقها، ومع ذلك لم يوجب الله على المسلم في نكاحها أكثر مما أوجب عليه في نكاح المسلمة من غسل الجنابة عند حصولها، وسيأتي الكلام