للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو قول الحسن البصري. وذكر عبد الرزاق عن معمر وابن جريج عن ابن شهاب: مضت السنة بأن يرش بول الصبي ويغسل بول الجارية، ولفظ ابن جريج مكان يرش: ينضح. ثم ذكر رواية ابن جريج عن ابن شهاب: مضت السنة أن يرش بول من لم يأكل الطعام ويغسل بول من أكل الطعام من الصبيان، ولم يفرق بين الجارية والغلام في هذه الرواية. قال أبو عمر: هذا أصح ما ورد في هذا الباب -على معنى ما فيه من الآثار الصحاح، ثم ذكر رواية الحسن البصري عن أمه عن أم سلمة قالت: "بول الغلام يصب عليه الماء صبًا، وبول الجارية يغسل طعمت أو لم تطعم"، وعن عائشة مثله وكان الحسن يفتي به لصحته عنده. ثم ذكر عن علي قوله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام"، قال قتادة: ما لم يطعما، فإذا طعما غسلا اهـ.

قلت: وهذا الذي قال ابن عبد البر من صب الماء والإكتفاء بذلك في بول الصبي وتطهيره بذلك وغسل بول الصبية؛ الظاهر -والله أعلم- أنه أرجح الأقوال في المسألة، وبه يحصل الجمع بين الأحاديث فيحمل الرش والنضح على صب الماء، سواء قلنا بعد ذلك بنجاسة بول الصبي وأن ترك الغسل المبالغ فيه لخفة بوله -وهو ظاهر التعليل بكونه لم يأكل الطعام، أو قلنا بطهارة بوله. وقد أنكر النووي القول بها عن الشافعي وغيره كما تقدم، ولا مانع من أن يكون الكل نجسًا ولكن رخص في تطهير بول الصبي: إما لخفته كما قدمنا أو لتعلق النفوس به أكثر، فيكثر التشوق لحمله فرخص في تطهيره لذلك وهذه العلة أظهر في الفرق بينه وبين الجارية. وإنما القول بالطهارة إن حمل على الصبي الذي لم يحنك، وهذا لا يساعد عليه بعض النصوص كحديث الحسن أو الحسين وقصة بوله على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وطلب أم الفضل -رضي الله عنها- منه - صلى الله عليه وسلم - أن يعطيها ثوبه فتغسله، فلم يفعل واكتفى بصب الماء عليه، ففي بعض رواياته: أنه جلس على صدره وبال في سرته، فهذا لا يتصور أنه قبل التحنيك. والحاصل أن أصح الأقوال في المسألة الحكم بالنجاسة كسائر بول الآدمي، ولا نص على الطهارة ولكن رخص في تطهير بول الصبي الذكر قبل أكله الطعام، بصب الماء عليه من غير عصر ولا دلك له، وبغسل بول الجارية كما يغسل غيره.

وفي الحديث: الرفق بالصغار، وحسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم غير مرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>