للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تقتلهم أَوْلَى الطائفتين بالحق"، فعسكروا بظاهر الكوفة وبلغوا ثمانية آلاف، فبعث إليهم عليٌ ابنَ عباس فناظرهم، فرجع منهم ألف وقاتل الباقين ورئيسهم عبد الله بن الكواء، فقتلوا بالنهروان وفيهم المخدج الذي أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه علامتهم، فنسبت عائشة -رضي الله عنها- معاذة لهم إما لأنهم أو بعضهم كانوا يقولون بذلك، أو لأن هذا السؤال فيه تنطع والتنطع عادة لهم والتشدد على غير أساس صحيح. ويحتمل أنها زجرتها بذلك لما في صورة السؤال من رائحة الإعتراض، وهو قولها كما في الرواية الأخرى: "ما بال" وفي رواية: فقالت: "لست بحرورية ولكني أسأل".

وقولها: (قد كنا نحيض) وفي الرواية الأخرى: كان يصيبنا ذلك، تعني الحيض بقولها: "عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية البخاري: "مع رسول الله" وفي رواية: "على عهد رسول الله"، والمعنى واحد أي في حياته وبحضوره وإطلاعه فلا نقضي، أي لا نقضي الصلاة ولا يأمرنا بقضائها، أي: ولو كان واجبًا لأمرنا به، فأفادتها بالحكم مصحوبا ببيان دليله لأن القضاء وعدمه أمر يرجع إلى تشريع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أمر بقضاء الصوم دون الصلاة علم أن القضاء مختص به، وليس للإنسان بعد ذلك التوقف حتى يعلم علته، لأن معرفة العلة موقوفة على بيان الشارع ولا ينبغي الجزم بها إلا ببيان، منه وإن كنا نعلم أن قضاء الصلاة أشق من الصيام لكن لا نجزم بأنه العلة بدون بيان منه -عليه السلام-، وقد أجمع المسلمون على أن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، والتعليل بكونه أخف وإن كان ظاهرًا لأن الصلاة تتركها المرأة في كل حيض وذلك في كل شهر تقريبًا، وأما الصوم فإنه يكون أيام حيضة واحدة في السنة كلها؛ لكن لا يجزم بأنه العلة لاحتمال أن هناك علة تخفى علينا، والعبد مأمور بالإتباع ولو لم يعرف العلة، فمن الله الأمر وعلى رسوله البلاغ وعلينا الرضى والتسليم.

• الأحكام والفوائد

فيه: زجر العالم للسائل إذا صدر منه ما لا ينبغي له السؤال، وفيه: أنه ينبغي لمن أفتى في حكم أن يبين دليله، لأنه أثبت في نفس السامع وأتمَّ للفائدة، بل ينبغي له بيان ما يتعلق به مما تمس إليه حاجة السائل أو السامع، كقوله: هو الطهور ماؤه الحل ميتته، لما سُئِلَ عن الوضوء بماء البحر؟ كما تقدم. وفيه: عدم وجوب قضاء الصلاة على الحائض وهو مجمع عليه، وما

<<  <  ج: ص:  >  >>