للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (حيي) بكسر الياء المثناة من تحت الأولى، وهي صيغة مبالغة من الحياء أي ذو حياء عظيم، وتقدم تفسير الحياء (١٩٦) وحاصله انقباض النفس عن القبائح، وقوله: (ستّير) بكسر السين المهملة وشد التاء المكسورة المثناة من فوق؛ فعيل بمعنى فاعل أي ساتر للعيوب والفضائح، وذكر المناوي في شرح الجامع فيه وجهًا آخر أن يكون بمعنى مستور عن الأعين في الدنيا، والظاهر أنه غير مناسب هنا وتفسيره بمعنى فاعل أولى.

وقوله: (يحب الحياء) أي الإتصاف به والمتصفين والمراد به المحمود منه لقوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ}، ففيه التنبيه للعباد على أن الحياء من الحق ليس من الحياء المحمود وتقدم ذلك في حديث أم سليم، وهو يحب الستر من العبد وإن كره فعل القبيح الذي يستره عليه منه، كما أنه يحب العفو وإن كره فعل المعصية، كما يحب التوبة ويكره للعبد الذنب الذي يفعله ويتوب بسببه. قال تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}، وفي الحديث: "يكره لكم قيل وقال. . ." الحديث، والله يحب الحياء والستر لأنهما وسيلة التخلق بالأخلاق الحميدة، ووصفه سبحانه بالحياء والستر؛ فيه تهجين لكشف العورة وتحسين للحياء والستر، وذلك تهييج للعبد إلى فعلهما وحث له عليهما، وقوله: (فإذا اغتسل) أي أراد الإغتسال، والفاء سببية وفي رواية: "فإذا أراد أحدكم أن يغتسل" وهي توضح المعنى في الأولى. وقوله: (فليستتر) أي يطلب ما يستر عورته عن الناس، والفاء في جواب الشرط وفي الرواية الأخرى: "فليتوار بشيء" أي عمن يراه وجوبًا في حق من يحضره ممن لا يحل له النظر إلى عورته، وندبًا في الخلاء أو بحضرة من يحل له نظره كالزوجة والأمة، وهذا قول الجمهور وحكي قول في مذهب الشافعي بالوجوب في هذه الحالة، وردّه ابن حجر وغيره من المحققين من علمائهم.

• الأحكام والفوائد

فيه دليل على عدم جواز ترك الإستتار بحضرة الناس، وقد تقدم الكلام على بعض ذلك في أحاديث قضاء الحاجة، وتقدم أن التستر عند حضور من لا يحل له النظر واجب، وفي الخلاء أو بحضور من يحل له النظر مستحب عند الجمهور، وفي الحديث: الخطبة عند الحاجة لتعميم الفائدة، لاسيما إن

<<  <  ج: ص:  >  >>