بلفظ: سيحان وجيحان والنيل والفرات من أنهار الجنة؛ فلا يغاير هذا لأن المراد أن في الأرض أربعة أنهار أصلها من الجنة، ولم يثبت لسيحون وجيحون أنهما من سدرة المنتهى، أي وكونهما من الجنة لا يستلزم ذلك كما لا يخفى، فيمتاز النيل والفرات عليهما بذلك، وأما الباطنان المذكوران في الحديث فلا يصح تفسيرهما بسيحون وجيحون، لعدم ورود ما يدل على ذلك، ولا مجال للرأي فيه) والله أعلم. قال النووي -رحمه الله-: (في هذا الحديث أن أصل النيل والفرات من الجنة، وأنهما يخرجان من أصل سدرة المنتهى ثم يسيران حيث شاء الله، ثم ينزلان إلى الأرض ثم يسيران فيها ثم يخرجان منها. قال: وهذا لا يمنعه النقل وقد شهد به ظاهر هذا الخبر فليعتمد، قال: وأما قول القاضي عياض: إن الحديث يدل على أن أصل سدرة المنتهى في الأرض، لأنه قال: إن النيل والفرات يخرجان من أصلها وهما بالمشاهدة يخرجان من الأرض، فيلزم منه أن يكون أصل السدرة في الأرض؛ وهو ضعيف وأن المراد بكونهما يخرجان من أصلها غير خروجهما بالنبع من الأرض. قال: والحاصل أن أصلهما في الجنة، ويخرجان أولًا من أصلها غير خروجها بالنبع من الأرض. قال: والحاصل أن أصلهما في الجنة ويخرجان أولًا من أصلها ثم يسيران إلى أن يستقرا في الأرض ثم ينبعان. اهـ. والنيل على ما قالوا مبدأ نبعه من جبال القمر -بضم القاف وسكون الميم وقيل: بفتح الميم- تشبيهًا لها بالقمر في بياضه، قيل: من اثنتي عشرة عينًا هنالك، ويجري ثلاثة أشهر في القفار وثلاثة أشهر في العمران، حتى يصل إلى مصر فيفترق فرقتين عند قرية يقال لها: شطنون، فيمر الغربي منه على رشيد ويصب في البحر الملح، وأما الشرقي فيفترق أيضًا فرقتين عند جوجر، فتمر الغربية منهما على دمياط من غربيها وينصب في البحر الملح، والشرقية منهما تمر على أشمون طناح، فتنصب هناك في بحيرة شرقي دمياط يقال لها: بحيرة تفيس وبحيرة دمياط. وأما الفرات فأصله من أطراف أرمينية قريب من قاليقلا، ثم يمر على بلاد الروم ثم يمر بأرض مالطية، ثم على شميشاط وقلعة الروم والبيرة وجسر منبج وباليس وجعبر والرقة والرحبة وقرقيسياء وعانات والحديث وهيت والأنبار، ثم يمر بالطنوف ثم بالحلة ثم بالكوفة وينتهي إلى البطائح وينصب في البحر