للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لذلك، ولم يحرّمها على الناس.

الثالث: أن في بعض ألفاظ حديث رافع ما لا يقول به أحد، وهو النهي عن كراء المزارع على الإطلاق (١). ومعلوم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينهَ عن كرائها مطلقًا، فدل على أنه غير محفوظ.

الرابع: أنه تارةً يحدثه عن بعض عمومته، وتارة عن سماعه، وتارة عن ظهير بن رافع؛ مع اضطراب ألفاظه، فمرة يقول: «نهى عن الحَقْل (٢)»، ومرة يقول: «عن كراء الأرض»، ومرة يقول: «لا يكاريها بثلث، ولا بربع (٣)، ولا طعام مسمّى»، كما تقدم ذكر ألفاظه.

وإذا كان حديث هكذا، وجب تركه والرجوع إلى المستفيض المعلوم من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من بعده، الذي لم يَضطرب ولم يختلف.

الخامس: أن من تأمل حديث رافع، وجمع طرقه، واعتبر بعضها ببعض، وحمَل مُجمَلها على مفسَّرِها ومطلَقَها على مقيَّدها= عَلِم أن الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك أمرٌ بيِّن الفساد، وهو المزارعة الظالمة الجائرة، فإنه قال: «كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه» (٤)، وفي لفظ له: «كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما على الماذيانات وأقبال الجداول أو أشياء من الزرع» كما


(١) كما عند البخاري (٢٣٤٤)، ومسلم (١٥٤٧/ ١٠٩، ١١٠).
(٢) في الأصل والطبعتين: «الجعل»، تصحيف. والتصويب مما سبق من أحاديث الباب.
(٣) الأصل: «ربع» بدون الباء، والمثبت من (هـ) موافق لحديث الباب.
(٤) أخرجه البخاري (٢٧٢٢)، ومسلم (١٥٤٧/ ١١٧).