للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحدها: أنه حديث في غاية الاضطراب والتلوّن. قال الإمام أحمد (١): حديث رافع بن خديج ألوان. وقال أيضًا (٢): حديث رافع ضروب.

الثاني: أن الصحابة أنكروه على رافع؛ قال زيد بن ثابت ــ وقد حُكي له حديث رافع ــ: أنا أعلم بذلك منه، وإنما سمع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رجلين [ق ١٧٨] قد اقتتلا فقال: «إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع»، وقد تقدم.

وفي البخاري (٣): عن عمرو بن دينار قال: قلت لطاوس: لو تركتَ المخابرة، فإنهم يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها، قال: إنَّ أعلمهم ــ يعني ابن عباس ــ أخبرني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه، ولكن قال: «أن يمنح أحدكم أخاه خيرٌ له من أن يأخذ عليها خراجًا معلومًا».

فإن قيل: إن كان قد أنكره بعض الصحابة عليه، فقد أقرَّه ابن عمر ورجع إليه.

فالجواب: أن ابن عمر - رضي الله عنهما - لم يحرّم المزارعة، ولم يذهب إلى حديث رافع، وإنما كان شديد الورع، فلما بلغه حديث رافع خشي أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدث في المزارعة شيئًا لم يكن علمه، فتركها لذلك.

وقد جاء هذا مصرَّحًا به في «الصحيحين» (٤) أن ابن عمر إنما تركها


(١) في «مسائله» رواية أبي داود (ص ٢٧٣)، ورواية عبد الله (ص ٤٠٥)، ومن طريق أبي داود أسنده ابن المنذر في «الأوسط» (١١/ ٧١).
(٢) نقله عنه الأثرم، كما في «الأوسط» (١١/ ٧١) و «المغني» (٧/ ٥٢٩).
(٣) برقم (٢٣٣٠)، وقد سبق.
(٤) البخاري (٢٣٤٥)، ومسلم (١٥٤٧/ ١١٢).