للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بل فعله، وفِعل المجتهد لا يدل على قوله على الصحيح، لاحتمال سهوٍ أو غفلة أو تأويل أو رجوع ونحوه، وكثيرًا ما يفعل الرجل الشيء ولا يعلم مفسدته، فإذا نُبِّه لها انتبه. ولا سيما أم ولده، فإنها دخلت على عائشة تستفتيها، وطلبت الرجوع إلى رأس مالها، وهذا يدل على الرجوع عن ذلك العقد، ولم يُنقَل عن زيد أنه أصرَّ على ذلك.

فإن قيل: لا نسلم ثبوت الحديث، فإن أم ولد زيد مجهولة.

قلنا: أم ولده لم تروِ الحديث، وإنما كانت هي صاحبة القصة، وأما العالية فهي امرأة أبي إسحاق السبيعي، وهي من التابعيات، وقد دخلت على عائشة (١)، وروى عنها أبو إسحاق، وهو أعلم بها.

وفي الحديث قصة وسياق يدل على أنه محفوظ، وأن العالية لم تختلق هذه القصة وتضعها، بل يغلب على الظن غلبةً قوية صِدقُها فيها وحفظها لها، ولهذا رواها عنها زوجها (٢) ولم يتَّهِمها، ولا سيما عند من يقول رواية العدل عن غيره تعديل له، والكذب لم يكن فاشيًا في التابعين فُشُوَّه فيمن بعدهم، وكثير منهم كان يروي عن أمه وامرأته ما يخبرهن به أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) هكذا جاء في أكثر الروايات عن أبي إسحاق: أن العالية دخلت مع أم ولد زيدٍ على عائشة، فأم الولد صاحبة القصة، والراوية عن عائشة هي العالية، إلا أن في رواية الثوري عنه عند عبد الرزاق (١٤٨١٣) ما ظاهره أن العالية لم تسمعه من أم المؤمنين مباشرة، وإنما روته عن امرأة أبي السفر، عن عائشة. والله أعلم. وانظر: «المحلَّى» (٩/ ٤٩).
(٢) بعده في الأصل: «ميمون»، وليس في (هـ)، ولا وجه له، فزوجها هو: عمرو بن عبدالله أبو إسحاق السبيعي.