للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أشجارهم؛ لأنه هو الواقع, لا لكون الجوز أعرف الأشجار عندهم. وهكذا التمثيل بقلال هجر؛ لأنه هو الواقع, لا لكونها أعرف القلال عندهم. هذا بحمد الله واضح (١).

وأما قولكم: إنها متساوية المقدار. فهذا إنما قاله الخطابي, بناءً على أنّ ذِكْرَهما تحديد, والتحديد إنما يقع بالمقادير المتساوية. وهذا دَورٌ باطل, وهو لم ينقله عن أهل اللغة ــ وهو الثقة في نقله ــ ولا أخبر به عن عِيان (٢).

ثم إن الواقع بخلافه, فإن القِلال فيها الكبار والصِّغار في العُرْف العام أو الغالب, ولا تُعمل بقالَبٍ واحد. ولهذا قال أكثر السلف: القُلّة: الجَرّة. وقال عاصم بن المنذر ــ أحد رواة الحديث ــ: القلالُ: الخوابي العظام (٣).


(١) قال الحافظ في "التلخيص الحبير": (١/ ٣٠): "فإن قيل: أي ملازمة بين هذا التشبيه وبين ذكر القلة في حد الماء؟ فالجواب: أن التقييد بها في حديث المعراج دال على أنها كانت معلومة عندهم بحيث يضرب بها المثل في الكِبَر، كما أن التقييد إذا أطلق إنما ينصرف إلى التقييد المعهود. وقال الأزهري: القلال مختلفة في قرى العرب وقلال هجر أكبرها. وقال الخطابي: قلال هجر مشهورة الصنعة معلومة المقدار .. والقلة لفظ مشترك، وبعد صَرْفها إلى أحد معلوماتها وهي الأواني تبقى مترددة بين الكبار والصغار، والدليل على أنها من الكبار: جعل الشارع الحد مقدّرًا بعدد، فدلّ على أنه أشار إلى أكبرها؛ لأنه لا فائدة في تقديره بقلتين صغيرتين مع القدرة على تقديره بواحدة كبيرة. والله أعلم" اهـ.
(٢) "عن" سقطت من ط. الفقي، وفي الأصل: "عنان".
(٣) أخرجه الدارقطني: (٣١)، والبيهقي: (١/ ٢٦٤).