للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما تقديرها بِقِرَب الحجاز، فلا ننازعكم فيه, ولكن الواقع أنه قَدّر قُلَّةً من القلال بقِرْبتين من القِرَب فرآها تَسَعُهما, فهل يلزم من هذا أنَّ كلَّ قُلَّة من قلال هَجَر تأخذ كلّ (١) قِربتين من قرب الحجاز؟ وأن قِرَب الحجاز كلّها على قَدْر واحد, ليس فيها صغار وكبار؟

ومَن جعلها متساويةً فإنما مستنده أن قال: التحديد لا يقع بالمجهول, فيا سبحان الله! هذا إنما يتمّ أن لو كان التحديدُ مستندًا إلى صاحب الشرع, فأمّا والتقدير بقلال هَجَر وقِرَب الحجاز تحديدُ يحيى بن عقيل وابن جُريج, فكان ماذا؟!

وأما تقرير كون المفهوم حجَّة, فلا تنفعكم مساعدتنا عليه, إذ المساعدة على مقدّمة من مقدمات الدليل لا تستلزم المساعدة على الدليل.

وأما تقديمكم له على العموم فممنوع, وهي مسألة نزاع بين الأصوليين والفقهاء, وفيها قولان معروفان (٢). ومنشأ النزاع: تعارض خصوص المفهوم وعموم النّطق (٣) , فالخصوص يقتضي التقديم, والنّطق يقتضي الترجيح. فإن رجّحتم المفهومَ بخصوصه, رجّح منازعوكم العموم بمنطوقه. ثم الترجيح معهم هاهنا للعموم من وجوه:

أحدها: أن حديثه أصح.

الثاني: أنه موافق للقياس الصحيح.


(١) سقطت من ط. الفقي.
(٢) انظر "المسودة" (ص ١٤٢ - ١٤٤) و"إرشاد الفحول": (٢/ ٦٩٤ - ٦٩٦).
(٣) ط. الفقي: "المنطوق" في الموضعين، خلافًا للأصل.