للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديث ابن عمر. فالذي نهى عنه من ذلك هو من جنس ما نهى عنه من بيع الكالئ بالكالئ (١)، والذي يجوز منه هو من جنس ما أَذِن فيه من بيع النقد لمن هو في ذمته بغيره من غير ربح.

وأما نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام قبل قبضه، فهذا إنما هو في الطعام (٢) المعين أو المتعلقِ به حقُّ التوفية من كيلٍ أو وزنٍ، فإنه لا يجوز بيعه قبل قبضه.

وأما ما في الذمة فالاعتياض عنه من جنس الاستيفاء، وفائدته سقوط ما في ذمته عنه، لا حدوث ملك له، فلا يقاس بالبيع الذي يتضمن شغل الذمة، فإنه إذا أخذ منه عن دين السلم عرضًا أو غيرَه أسقط ما في ذمته، فكان كالمستوفي دينَه لأن بدله يقوم مقامه، ولا يدخل هذا في بيع الكالئ بالكالئ بحال، والبيع المعروف هو أن يملك المشتري ما اشتراه. وهنا لم يَملِك شيئًا، بل سقط الدين من ذمته.

ولهذا لو وفاه ما في ذمته لم يُقَل: إنه باعه دراهم بدراهم، بل يقال: وفاه حقه، بخلاف ما لو باعه دراهم معينة بمثلها فإنه بيع. ففي الأعيان إذا عاوض عليها بجنسها أو بعين غير جنسها يُسمَّى بيعًا، وفي الدَّين (٣) إذا وفاها


(١) أي بيع الدين بالدين، وقد جاء ذلك في حديث ضعيف. أخرجه عبد الرزاق (١٤٤٤٠)، والدارقطني (٣٠٦٠، ٣٠٦١)، والبيهقي (٥/ ٢٩٠). وقال الإمام أحمد وابن المنذر: ليس في هذا حديث يصح، إنما إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين. انظر: «البدر المنير» (٦/ ٥٦٧ - ٥٧٠)، و «الأوسط» (١٠/ ١١٨ - ١١٩).
(٢) «الطعام» من (هـ).
(٣) (هـ): «الديون».