للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثاني: أن بيع الثمن هاهنا إنما هو ممن في ذمته ليس بيعًا (١) لغيره، فلو باع الثمن قبل القبض لغير من هو في ذمته لم يَجُزْ في أحد قولي الشافعي، وهو الذي رجحه الرافعي (٢) وغيره من أصحابه.

الثالث: أن العلل التي لأجلها امتنع العقد على المبيع قبل قبضه منتفية في الثمن بأسرها، فإن المآخذ ثلاثة:

إما عدم استقرار المبيع، وكونه عرضةً للتلف وانفساخ العقد، وهذه العلة مأمونة بكون الثمن في الذمة.

وإما أن عُلَقَ البائع لم تنقطع عن المبيع، وهذه العلة أيضًا منتفية هاهنا.

وإما أنه عرضةٌ للربح وهو مضمون على البائع، فيؤدي إلى ربح ما لم يضمن. وهذه العلة أيضًا منتفية في الثمن، فإنه إنما يجوز له الاستبدال به بسعر يومه، كما شرطه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لئلا يربح فيما لم يضمن. ولا يمكن أن يقال مثل هذا في السِّلَع، لأنه إنما اشتراها للربح، فلو منعناه من بيعها إلا بمثل الثمن لم يكن في الشراء فائدة، بخلاف الأثمان فإنها لم توضع للربح، وإنما وضعت رؤوسًا للأموال، لا مَورِدًا للكسب والتجارة.

قال المخصِّصون: قد سلمتم نفوذ العتق قبل القبض، وهو تصرُّف يزيل الملك، فما الفرق بينه وبين البيع الناقل للملك؟

قال المعمِّمُون: الفرق بينهما أن الشارع جعل للعتق من القوة والسِّراية والنفوذ ما لم يجعل لغيره، حتى أدخل الشِّقْص الذي للشريك في ملك


(١) في (هـ) والطبعتين: «تبعًا»، خطأ.
(٢) انظر: «العزيز في شرح الوجيز» (٨/ ٤٢٩).